والعامّة. وكان عنده المرتضى ، والزّينبيّ ، والماورديّ ، فاستشارهم في العبور إلى الكرخ كما فعل تلك المرّة ، فقالوا : ليس الأمر كما كان ، وأحداث الموضع قد ذهبوا. وحوّل الغلمان خيامهم إلى حول الدّار وأحاطوا بها.
وبات النّاس على أصعب خطّة ، فخرج الملك في نصف اللّيل إلى زقاق غامض ، فنزل إلى دجلة ، وركب سميريّة فيها بعض حاشيته ، ومضى إلى دار المرتضى ، وبعث حرمه إلى دار الخلافة. ونهب الأجناد دار الملك حتّى الأبواب وساجها. وراسلوا الخليفة أن تقطع خطبة. جلال الدّولة ، فقيل لهم : سننظر.
وخرج الملك إلى أوانا (١) ، ثم إلى كرخ سامرّاء. ثمّ خرجوا إليه واعتذروا ، ومشى الحال (٢).
[الظّلمة ببغداد]
وفي جمادى الآخرة وردت ظلمة طبّقت البلد ، حتّى كان الرجل لا يرى صاحبه ، وأخذت بالأنفاس حتّى لو تأخّر انكشافها لهلكوا (٣).
[انقضاض كوكب]
وفي رجب ضحوة نهار انقضّ كوكب غلب ضوؤه ضوء الشّمس ، وشوهد في آخره شيء مثل التّنّين بلون الدّخان. وبقي نحو ساعة (٤). فسبحان الله العظيم ما أكثر البلاء بالمشرق.
__________________
(١) أوانا : بالفتح ، والنون. بليدة كثيرة البساتين والشجر ، نزهة. من نواحي دجيل بغداد ، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من جهة تكريت ، وكثيرا ما يذكرها الشعراء الخلعاء في أشعارهم.
(معجم البلدان ١ / ٢٧٤).
(٢) المنتظم ٨ / ٩ (١٥ / ٢٥٤) ، الكامل في التاريخ ٩ / ٤٤٦ ، العبر ٣ / ١٦١ ، مرآة الجنان ٣ / ٤٥ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٤٨.
(٣) المنتظم ٨ / ٩ (١٥ / ٢٥٤) ، الكامل في التاريخ ٩ / ٤٥١ ، تاريخ الخميس ٢ / ٣٩٩.
(٤) المنتظم ٨ / ٩٠ (١٥ / ٢٥٥) ، الكامل في التاريخ ٩ / ٤٥١ ، تاريخ الخميس ٢ / ٣٩٩.