فأشبه سجود التلاوة ، ولكنهم لم يجوّزوه (١) ، لأن الأصل بعد شغل الذمة عدم البراءة إلاّ بما قلناه فيتعين ، ولأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وكذا الأئمة عليهمالسلام وجماعة الصحابة صلّوا قياما (٢) ، وقال عليهالسلام : ( صلّوا كما رأيتموني أصلّي ) (٣) ولأنها صلاة فريضة فلم تجز قاعدا ولا راكبا مع القدرة على القيام كغيرها من الفرائض ، وسجود التلاوة لا يسمى صلاة.
مسألة ٢٠٩ : وليست الطهارة شرطا ، بل يجوز للمحدث والحائض والجنب أن يصلّوا على الجنائز مع وجود الماء والتراب ، والتمكن منها ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال الشعبي ، ومحمد بن جرير الطبري (٤) ـ لأن القصد منها الدعاء للميت والدعاء لا يفتقر إلى الطهارة.
ولقول الصادق عليهالسلام وقد سأله يونس بن يعقوب عن الجنازة أصلي عليها على غير وضوء؟ : « نعم إنما هو تكبير ، وتسبيح ، وتحميد ، وتهليل ، كما تكبر وتسبح في بيتك على غير وضوء » (٥).
وسأله محمد بن مسلم عن الحائض تصلّي على الجنازة؟ قال : « نعم ولا تقف معهم ، تقف منفردة » (٦).
وقال الشافعي : الطهارة شرط ، وبه قال أبو حنيفة ، وأحمد (٧) ، لقوله
__________________
(١) المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٩ ، شرح فتح القدير ٢ : ٨٩ ، شرح العناية ٢ : ٨٩.
(٢) انظر على سبيل المثال : الكافي ٣ : ١٧٦ ـ ١٧٧ ـ ١ و ٢ ، والفقيه ١ : ١٠٣ ـ ٤٧٨ ، التهذيب ٣ : ٣١٩ ـ ٩٨٩ وصحيح البخاري ٢ : ١٠٩ و ١١١ ، وسنن أبي داود ٣ : ٢٠٨ ـ ٣١٩٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٥٢ ـ ١٠٣٤ و ٣٥٣ ـ ١٠٣٥.
(٣) صحيح البخاري ١ : ١٦٢ ـ ١٦٣ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٦ ، مسند أحمد ٥ : ٥٣.
(٤) المجموع ٥ : ٢٢٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٣.
(٥) الكافي ٣ : ١٧٨ ـ ١ ، الفقيه ١ : ١٠٧ ـ ٤٩٥ ، التهذيب ٣ : ٢٠٣ ـ ٤٧٥.
(٦) الكافي ٣ : ١٧٩ ـ ٤ ، الفقيه ١ : ١٠٧ ـ ٤٩٦ ، التهذيب ٣ : ٢٠٤ ـ ٤٧٩.
(٧) الام ١ : ٢٧١ ، المجموع ٥ : ٢٢٢ و ٢٢٣ ، فتح العزيز ٥ : ١٨٥ ، المبسوط للسرخسي ٢ :