فقال قريش : لا.
ثمّ اتفقا على أن يسلّم إليه رئيس الرؤساء ويترك الخليفة عنده ، فسلّمه إليه (١) فلمّا مثل بين يديه قال : مرحبا بمهلك الدّول ومخرّب البلاد (٢).
فقال : العفو عند المقدرة.
قال : قد قدرت أنت فما عفوت ، وأنت صاحب طيلسان ، وركبت الأفعال الشّنيعة مع حرمي وأطفالي ، فكيف أعفو أنا ، وأنا صاحب سيف (٣)؟
وأمّا الخليفة فحمله قريش إلى مخيّمه ، وعليه البردة وبيده السّيف ، وعلى رأسه اللّواء ، وأنزله في خيمه ، وسلّم زوجته بنت أخي السّلطان طغرلبك إلى أبي عبد الله بن جردة ليقوم بخدمتها.
ونهبت دار الخلافة [وحريمها] (٤) أيّاما.
وسلّم قريش الخليفة إلى ابن عمّه مهارش بن مجلّي (٥) ، وهو ديّن ذو مروءة ، فحمله في هودج وسار به إلى حديثة عانة ، فنزل بها (٦).
وسار حاشية الخليفة على حامية إلى السّلطان طغرلبك مستنفرين له (٧).
ولمّا وصل الخليفة إلى الأنبار شكى البرد ، فبعث يطلب من متولّيها ما يلبس ، فأرسل إليه جبّة ولحافا (٨).
__________________
(١) مآثر الإنافة ١ / ٣٤٠ ، اتعاظ الحنفا ٢ / ٢٥٣.
(٢) في «الإنباء» ١٩٣ : «مرحبا بمدمّر الدولة ومهلك الأمم ، ومخرّب البلاد ومبيد العباد ..».
(٣) الإنباء ١٩٣ ، ١٩٤ ، اتعاظ الحنفا ٢ / ٢٥٣ ، النجوم الزاهرة ٥ / ٩ ، ١٠.
(٤) في الأصل : «وما ولاها» ، والمثبت بين الحاصرتين ، عن : الكامل في التاريخ ٩ / ٦٤٣ ، ومآثر الإنافة ١ / ٣٤٠ ، وتاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٤٩ ، اتعاظ الحنفا ٢ / ٢٥٣.
(٥) هو أمير العرب والمستحفظ بقلعة حديثة عانة ، توفي سنة ٤٩٩ ه. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٩٥ ، مجمع الآداب ج ٤ ق ٢ / ٤٢٢) وهو العقيلي البدوي. (أخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ١٠).
(٦) الإنباء ١٩٥ ، تاريخ الفارقيّ ١ / ١٥٣ و ١٥٧ ، الكامل في التاريخ ٩ / ٦٤٣ وفيه : «فتركه بها» ، أخبار الدول المنقطعة ٦٧ ، ذيل تاريخ دمشق ٨٩ ، تاريخ الزمان ١٠٤ ، بغية الطلب ١٠.
الفخري في الآداب السلطانية ٢٩٣ ، المغرب في حلى المغرب ٨٠ ، خلاصة الذهب المسبوك ٢٦٦ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٧٨ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٣٦٤ ، مآثر الإنافة ١ / ٣٤٠ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٤٩ ، اتعاظ الحنفا ٢ / ٢٥٣ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٠.
(٧) النجوم الزاهرة ٥ / ١٠.
(٨) النجوم الزاهرة ٥ / ١٠.