فعلها رُضِيَت فحملوها على أنها ذات رضا من أهليها بها ثم أُنِّثَت ويجوز أن تحمل عيشة راضية على أحد وجهين إما أن تكون عيشة رَضِيَتْ أهلَها فهى راضيةٌ بهم كقولك ملازمة لهم والآخر أن تكون التاء دخلت للمبالغة كما يقال رجل راوية وعَلَّامة ويجوز أيضا فيه وجه ثالث وهو أنهم ألزموه الهاء لان الياء تسقط لو لم تكن هاء فرأوا ذلك إخلالا كما قالوا ناقة مُتْلِية وظَبْية مُتْلِية فألزموا الهاء بسبب الياء وهم يقولون فيما ليس فيه الياء ظبية مُطْفِل ومُغْزِل ومُشْدِن وقالوا رجل طاعمٌ كاسٍ على ذا أى ذو كسوة وطعام وهو مما يُذَمُّ به ـ أى ليس له فَضْلٌ غير أن يأكل ويكتسى وعلى ذلك قال الحطيئة
دَعِ المَكارِم لا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِها |
|
واقْعُدْ فانَّك أَنْتَ الطاعِمُ الكاسى |
وقالوا هَمٌّ ناصبٌ ـ أى ذو نَصَب وليس لشئ من ذلك فِعْلٌ يُصَرَّف وانما جاء على ما ذكرته* قال سيبويه* وليس فى كل شئ من هذا قيل هذا ألا ترى أنك لا تقول لصاحب البُرِّ برّار ولا لصاحب الفاكهة فَكَّاه ولا لصاحب الشعير شَعَّار ولا لصاحب الدقيق دَقَّاق وانما يقال لصاحب الدقيق دَقِيقِىٌّ ويقال مكان آهل ـ أى ذو أَهْل قال الشاعر
الى عَطَنٍ رَحْبِ المَبَاءة آهِلِ
ومما يستدل به على أن فَعَّالا بمنزلة المنسوب الذى فيه الياء أنهم قالوا الْبَتِّىُّ وهو الرجل الذى يبيع البُتُوت واحدها بَتٌّ وهى الأكسية وقالوا أيضا البَتَّات واليه نسب عثمان الْبَتِّىُّ من كبار الفقهاء
باب فاعل فى معنى مفعول
قد قدّمت أن (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) فى قول بعضهم بمعنى مَرْضِيَّة وقالوا ساحل البحر فاعل فى معنى مفعول لان الماء سَحَلَهُ ـ أى قشره وقال بِشْر بن أبى خازم
ذَكَرْت بها سَلْمَى فَبِتُّ كأَنَّما |
|
ذَكَرْتُ حَبِيبًا فاقِدًا تَحْتَ مَرْمَس |
أى مفقودا وقالوا للجبل الذى لا نبت فيه حالِقٌ وانما هو مَحْلُوق من النَّبات كالرأس المحلوق من الشعر وقالوا لِلَحْمَتَىِ الفَخِذَين بادٌّ وانما حُكْمُه مَبْدُود لان صاحبهما بَدَّهُما