فالحَرْف بالفِعْل أشبَهُ منه بالاسمِ من حيْثُ كان الفِعْل ثانِياً والاسم أوَّلاً فالحَرْف بهذا الثانى أشبَهُ منه بالأصْل وأيضا فالابْدال فى هذا الحَرْف ضَرْب من الاتِّساع والتَّصَرُّفِ فى الكَلِمة فاذا كان ذلك قد مُنعه الذى هو أكثَرُ تَصَرُّفا من الحرْف وأشبَهُ بالأوّلِ منه فأن يُمْنَعَه الحرْفُ الذى لا تَصَرُّف له والذى يَقِلُّ اعتِقابُ التغييرِ عليه أجْدَرُ وأشبَهُ أيضا فاذا كانتْ هذه التاءُ فى بعضِ اللُّغات تُتْرَك تاءً فى الاسماءِ كما حكاه سيبويه عن أبى الخَطَّاب وكما أنشده أبو الحسن من قوله
* بَلْ جَوْزِ تَيْهاءَ كظَهْر الحَجَفَتْ*
فأنْ تُتْرك تاءً فى الحرْف ولا تُقْلَبَ أجْدَرُ فبهذا يُرَجَّح هذا القَوْلُ على قول الكِسائِىّ فى القِياس وعَملُها عند سيبويه الرفْعُ والنَّصبُ فرفُوعُها مضمَرٌ ومنْصُوبها مُظْهَر وذلك عِنْده فى الحِينِ خاصَّةً وعمَلُها عند الكُوفِيِّيِنَ مُطَّرِد فى كل شئٍ وهى مُساوِيةٌ لليس يُظْهَر مرفُوعُها ويُضْمَر فأما قول الأعْشَى
لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرةَ أمْ مَنْ |
|
جاءَ منها بطائِفِ الأهْوالِ |
فانما هى كتَحِينَ من قوله (وَلاتَ حِينَ) فيمن جعل الوقْفَ على لا وزاد التاءَ فى الحِينِ ولا تكُون لاتَ ههُنا حَرْفا عامِلا عَمَلَ ليس على مذهَبِ سيبويه لأنه قد قَصَر عملَ لاتَ على الحِين ومعمولُ لاتَ هُنَا انما هو ذِكْرَى ومن رأَى إعمال لاتَ فيما بعدَها مُطَّرِدا أجاز أن تكون لاتَ هاهُنا عاملةً فى الذِّكْرَى
ما جاءَ من صِفات المؤنَّث على فاعِلِ
هذا البابُ يَسْتَوِى فيه المذَكَّرُ والمؤنَّثُ ومذهَبُ الخليلِ وسيبويه فى ذلك وما كان نحوَه أن ذلك انما سقطتِ الهاءُ منه لأنه لم يَجْرِ على الفِعْل وانما يلزَمُ الفَرْقُ بيْنَ المذكَّر والمؤنَّث فيما كان جارِياً على الفِعْل لأن الفِعْل لا بُدّ من تأنِيثِه اذا كان فيه ضمِيرُ المؤنَّث كقولك هِنْدٌ ذهبَتْ وموعِظةٌ جاءتْكَ ولُزُومُ التأنيثِ فى المستَقْبَل آكدُ وأوْجَبُ كقولك هِنْدٌ تَذْهَبُ ومَوْعِظَة تَجِيثُك وانَّما صار فى المستَقْبَل ألزَمَ لأن تَرْك التأنِيثِ لا يُوجِب تخفِيفًا فى اللْفظ لأنه عُدُول من تاءٍ الى ياء والتاءُ أيضا أخَفُّ وفى الماضى اذا تُرِكتْ عَلامةُ التأنيثِ فقيل مَوْعِظةٌ جاءَكَ فانما يَسْقُط حرف ويَخِفُّ لفظ الفِعْل فاذا كان