وقِدْرٍ وشَمْس فتأنيث هذه الأشياء تأنيثُ لفظ لا تأنيثُ حقيقة فهذا ما عَبَّر به عن معنى التأنيث وقسَّمه اليه فى كتابه الموسُوم بالايضاح وقال فى كتاب الحُجَّة المؤنثَّ ـ حيوانٌ له فَرْج خِلافُ المذكَّر فهذا المؤنَّث فى المعنى على الحقِيقة والمَعَانى على ثلاثة أوجُه مؤنث ومذكَّر ومعنى ليس بمذَكَّر ولا مؤنَّث وانما يقول النحويُّون الجنس لهذه الثلاثة والتأنيثُ على وجهين تأنيثُ المعنى وتأنيثُ الاسمِ فما كان منه حقِيقيًّا فان تذكيرَ فِعْله اذا تقدم فاعِلَه لا يسُوغُ فى الكلام فى حال السَّعة وذلك نحو سَعَتِ المرأةُ وذَهَبتْ سَلْمَى وبَعُدت أسْماءُ فتلزم العلامةُ على حَسَب لُزُوم المعنَى وحقيقتِه ليؤْذِنَ أن المسنَد اليه الفعلُ مؤنثٌ* قال* وعلى هذا قالوا قامَا غُلاماكَ «ويَعْصُرْن السَّلِيطَ أقارِبُه» إلا أن الأحسن هُنا أن لا تلحق الفِعلَ علامةُ تثْنيَة ولا جمعٍ لان التثنية والجمع لا يَلْزَمان .... فى التأنيث الحقِيقىِّ وان كان قد جاء فى الشعر مثل هذا كقوله وكان الذى .... (١) الموضعين ذلك هذا بالمفعول على هذا حَكَوْا حضَرَ القاضِىَ امرأةٌ فان كان التأنيثُ غيرَ حقيقىٍّ جاز تذكيرُ الفِعْل الذى يسنَد اليه متقدِّما نحو قوله تعالى (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ) (وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) وفى موضع آخر (قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ) «و (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ)» فان قال موعظة جاءنا كان أقبح من جاءنا مَوْعِظة لأن الراجع ينبغى أن يكونَ على حَدِّ ما يرجِع اليه وقد جاء ذلك فى الشعر أنشد سيبويه
اذْ هِىَ أحْوَى من الرِّبْعِىِّ حاجِبُها |
|
والعَيْنُ بالاثْمدِ الحارِىِّ مَكْحُولُ |
وأنشد أيضا
فلا مُزْنةٌ ودَقَتْ وَدْقَها |
|
ولا أرضٌ أبْقَلَ إبْقالَها |
وأنشد الفارسى
أرّمِى عليها وهى فَرْع أجمَعُ |
|
وهى ثلاثُ أذْرُعٍ وإصبَع |
ومعنى استشهاده بهذا البيتِ ههنا وتنظيرِه إيَّاه بقوله
«ولا أرضٌ ابقل إبقالَها»
هو أن أجمَع وصفٌ لِهِىَ فكان ينْبَغِى أن يقول هى جَمْعاءُ فرْعٌ ولا يجوز أن يحمل أجْمَع على فَرْع لان أجْمَع معرفةٌ وفَرْع نكِرة ولكنه ذكر على تذكِيرِ ولا أرض أبقل
* والعَيْن بالاثْمدِ الحارِىِّ مكحولُ*
__________________
(١) بياض بالأصل في الموضعين