وقد قال فى كتاب البَغْدادِيَّات إن أجْمَع حمل على الضمير الذى فى فَرْع كأنها وهى طويلة* قال* فأما قوله تعالى (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى) ثم قال (فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) فلأنه حُمِل على الارث يعنى الميراثَ أو لأن القسمةَ المقْسومُ فى المعنى* قال* وعلى هذا حمل سيبويه قوله
* والعينُ بالاثْمدِ الحارِىِّ مكحولُ*
كما تقدم وروى أبو عثمان وغيرُه عن الأصمعى أنه كان يتأوّله اذ هى أحْوَى حاجبُها مَكْحُول والعينُ بالاثْمدِ* قال أبو عثمان* العرب تقول الأَجْذاع انكَسَرْن لأدْنَى العَدَد والجُذُوع انْكَسَرتْ لكثيره وعلى هذا قولهم لِخمْس خَلَوْن وكذلك الى العَشْر فاذا زاد على العشرة دخل فى حَدِّ الكثيرِ فقالوا لِاحْدَى عشْرةَ خَلَتْ وكذلك الى التِّسْعَ عشرةَ* قال سيبويه* وأما الجَمِيع من الحيَوان الذى يُكَسَّر عليه الواحدُ فبمنزلة الجَميع من غيره الذى يكسَّر عليه الواحدُ ألا تَرى أنك تقول هو رجل وهى الرجالُ فيجوز ذلك وتقول هو جَمَل وهى الجَمَال وهو عَيْر وهى الأعْيار فجرَتْ هذه كُلُّها مَجْرَى هى الجُذُوع وما أشبه ذلك يُجْرَى هذا المُجْرَى لأن الجميع يؤنَّث وإن كان كلُّ واحدٍ منه مذَكَّرا من الحيوان فلما كان كذلك صَيَّرُوه بمنزلة المَوَات لأنه قد خَرَج من الأوّل الأمْكَن حيث أردت الجميع فلما كان ذلك احتملوا أن يُجْرُوه مُجْرَى جميع المَوَات قالوا قد جاء جَوَارِيك وجاء نِساؤُك وجاء بَنَاتُك وقالوا فيما لم يكَسَّر عليه الواحدُ لأنه فى معنى الجميع كما قالُوا فى هذا كما قال الله تبارك وتعالى جَدُّه (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) (وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ) * قال الفارسى* حين علل حذف العلامة من الفعل أعنى فعلَ الجميع ولأنَّ هذه الجُموعَ كما يعبَّر عنها بالجَماعة فقد يعَبَّر عنها بالجَمْع والجميعٍ ويدلّ على أن هذا التأنيث ليس بحقيقة أنك لو سمَّيت رجُلا بكِلَابٍ أو كِعَابٍ أو ظُرُوف أو عُنُوق صَرَفته ولو سميت بعَنَاقٍ أو أَتَانٍ لم تصرفه ولذلك جاء (وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) وقال تعالى (إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ) ولو قلت قال امرأةٌ لم يستقِمْ لأن تأنيث النِّساء والنِّسوة للجمع كما أن التأنيث فى قالتِ الأعرابُ كذلك فلو لم يؤَنَّث كما لم يؤنَّث قال نسوةٌ لكان حسَنا وعلى التذكير قولُ الفَرزْدق