سنة ستّ وستّين وأربعمائة
[الغرق العظيم ببغداد]
فيها كان الغرق العظيم ببغداد ، فغرق الجانب الشّرقيّ ، وبعض الغربيّ ، وهلك خلق كبير تحت الهدم. وقام الخليفة يتضرّع إلى الله ، ويصلي.
واشتدّ الأمر وأقيمت الجمعة في الطّيّار على ظهر الماء مرّتين ، ودخل الماء في هذه النّوبة من شبابيك المارستان العضديّ. وارتفعت دجلة أكثر من عشرين ذراعا ، وبعض المحالّ غرقت بالكلّيّة ، وبقيت كأن لم تكن. وهلكت الأموال والأنفس والدّوابّ. وكان الماء كأمثال الجبال.
وغرقت الأعراب والتّركمان وأهل القرى. وكان من له فرس يركبه ويسوق إلى التّلول العالية.
وقيل إنّ الماء ارتفع ثلاثين ذراعا. ولم يبلغ مثل هذه المرّة أبدا.
وركب النّاس في السّفن ، وقد ذهبت أموالهم ، وغرقت أقاربهم ، واستولى الهلاك على أكثر الجانب الشّرقيّ.
[رواية ابن الجوزي]
قال سبط الجوزيّ (١) : انهدمت مائة ألف دار وأكثر. وبقيت بغداد ملقة واحدة ، وانهدم سورها ، فكان الرجل يقف في الصّحراء فيرى التّاج.
ونهب للنّاس ما لا يحصيه إلّا الله. وجرى على بغداد نحو ما جرى على مصر من قريب.
__________________
(١) في مرآة الزمان (حوادث ٤٦٦ ه.).