سنة سبع وستين وأربعمائة
[دخول بدر الجماليّ مصر وتمهيدها]
قال ابن الأثير (١) : قد ذكرنا في سنة خمس ما كان من تغلّب الأتراك ، وبني حمدان على مصر ، وعجز صاحبها المستنصر عن منعهم ، وما وصل إليه من الشّدّة العظيمة ، والفقر المدقع ، وقتل ابن حمدان. فلمّا رأى المستنصر أن الأمور لا تنصلح ولا تزداد إلّا فسادا ، أرسل إلى بدر الجماليّ (٢) ، وكان بساحل الشّام (٣) ، فطلبه ليولّيه الأمور بحضرته ، فأعاد الجواب : إنّ الجند قد فسدوا ، ولا يمكن إصلاحهم ، فإن أذنت أن استصحب معي جندا حضرت وأصلحت الأمور. فأذن له أن يفعل ما أراد. فاستخدم عسكرا يثق بهم وبنجدتهم ، وسار في هذا العام من عكّا في البحر زمن الشّتاء ، وخاطر لأنّه أراد أن يهجم مصر بغتة.
وكان هذا الأمر بينه وبين المستنصر سرّا ، فركب البحر في كانون الأوّل (٤) ،
__________________
(١) هذا القول غير موجود عند ابن الأثير في كتابه «الكامل في التاريخ». والخبر في : نهاية الأرب ٢٨ / ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، وأعاده المؤلف في العبر ٣ / ٢٦٢ ، ٢٦٣.
(٢) هو : بدر بن عبد الله الأمير الجمالي وزير مصر للمستنصر. أرمنيّ الأصل ، اشتراه جمال الملك ابن عمّار الطرابلسي وربّاه فترقّت به الأحوال إلى الملك ، ولي دمشق سنة ٤٥٥ ه. ثم هرب منها بعد ثورة أحداثها إلى صور. مات سنة ٤٨٨ ه.
(٣) قال ابن أيبك الدواداريّ : «وكان قبل ذلك بصور وعكا نائبا عن الظاهر بن الحاكم». (الدرة المضيّة ٣٩٩).
(٤) قال ابن ظافر الأزدي في (أخبار الدول المنقطعة ٧٦) : «وركب البحر في وقت لم تجر العادة بركوبه في مثله ، ووصل إلى القاهرة عشية يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى ـ وقيل :
الآخرة ـ سنة ست وستين».
وقال النويري : «وسار في مائة مركب في أول كانون» (نهاية الأرب ٢٨ / ٢٣٥).