هو منك. وحملوه على بعث أبي موسى الأشعري (١) على أن يحكم بكتاب الله تعالى. فجرى الأمر على خلاف ما رضي به. فلما لم يرض بذلك خرجت الخوارج عليه وقالوا : لم حكمت الرجال؟ لا حكم إلا لله ، وهم المارقة الذين اجتمعوا بالنهروان (٢).
وكبار الفرق منهم : المحكمة. والأزارقة ، والنجدات ، والبيهسية ، والعجاردة ، والثعالبة ، والإباضية ، والصفرية. والباقون فروعهم.
ويجمعهم القول بالتبري من عثمان وعلي رضي الله عنهما ، ويقدمون ذلك على كل طاعة ، ولا يصححون المناكحات إلا على ذلك. ويكفرون أصحاب الكبائر ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنّة : حقا واجبا.
١ ـ المحكّمة الأولى
هم الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه حين جرى أمر المحكمين. واجتمعوا بحروراء (٣) من ناحية الكوفة ، ورأسهم عبد الله (٤) بن الكواء ، وعتاب بن الأعور ، وعبد الله (٥) بن وهب الراسبي ، وعروة (٦) بن جرير ،
__________________
(١) هو عبد الله بن قيس ، من بني الأشعر توفي سنة ٤٤ ه / ٦٦٥ م.
(٢) بين بغداد وواسط.
(٣) حروراء : بفتحتين ، وسكون الواو ، وراء أخرى وألف ممدودة : هي قرية بظاهر الكوفة. (معجم البلدان ٢ : ٢٤٥).
(٤) هو أول أمير للخوارج من حين اعتزلوا جيش علي وخرجوا عليه. وهو أحد الذين اختاروا أبا موسى الأشعري في قصة التحكيم. (راجع وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص ٢٩٥ و ٥٠٢).
(٥) هو أول من أمّره الخوارج عليهم أول ما اعتزلوا. بايعوه لعشر بقين من شوال سنة ٣٧ ه وجعلوا أمير قتالهم شبث بن ربعي. (الكامل للمبرد ٢ : ١١٦). وكان قد امتنع عليهم وأومأ إلى غيره فلم يقنعوا إلّا به فكان إمام القوم وكان يوصف بالرأي وقتل مع أصحابه لسبع خلون من صفر سنة ٣٨ ه. (مقالات ١ : ١٩٥).
(٦) في الأصل عروة بن جرير ، تحريف ، وهو عروة بن أديه ، وهو عروة بن أدية ، وهو عروة بن عمرو بن حدير. وأدية جدته من محارب نسب إليها. وقيل بل كانت ظئرا (مرضعة) له ، وهو من رءوس الخوارج وقد ضعفه الجوزجاني وهو أول من حكم بصفين وكان له أصحاب وأتباع وشيعة. ظفر بن ابن زياد فأمر به فقطعت يداه ورجلاه وصلبه على باب داره. توفي سنة ٥٨ ه في خلافة معاوية. (راجع لسان الميزان ٤ : ١٦٣ والعقد الفريد ص ٢٧١).