وقيل : كان نجدة بن عامر. ونافع بن الأزرق قد اجتمعا بمكة مع الخوارج على ابن الزبير ثم تفرقا عنه. واختلف نافع ونجدة ، فصار نافع إلى البصرة ، ونجدة إلى اليمامة.
وكان سبب اختلافهما أن نافعا قال : التقية (١) لا تحل ، والقعود عن القتال كفر. واحتج بقول الله تعالى : (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ) (٢) وبقوله تعالى : (يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) (٣).
وخالفه نجدة وقال : التقية جائزة ، واحتج بقول الله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) (٤) وبقوله تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) (٥) وقال : القعود جائز ، والجهاد إذا أمكنه أفضل ، قال الله تعالى : (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) (٦).
وقال نافع : هذا في أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم حين كانوا مقهورين ، وأما في غيرهم مع الإمكان فالقعود كفر ، لقول الله تعالى : (وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) (٧).
٤ ـ البيهسية
أصحاب أبي بيهس الهيصم (٨) بن جابر ، وهو أحد بني سعد بن ضبيعة ، وقد
__________________
(١) التقية : الإظهار باللسان خلاف ما ينطوي عليه القلب للخوف على النفس.
(٢) سورة النساء : الآية ٧٧.
(٣) سورة المائدة : الآية ٥٤.
(٤) سورة آل عمران : الآية ٢٨.
(٥) سورة غافر : الآية ٢٨.
(٦) سورة النساء : الآية ٩٥.
(٧) سورة التوبة : الآية ٩٠.
(٨) كان فقيها متكلما من الأزارقة. اعتقله والي المدينة عثمان بن حيان المرّي فقتل وصلب بأمر من الوليد الأموي. توفي سنة ٩٤ ه / ٧١٣ م. (راجع رغبة الآمل ٧ : ٢١٩).