الإيمان ، ويتبرأ منهم على ما علم أنهم صائرون إليه في آخر أمرهم من الكفر ، وأنه سبحانه لم يزل محبا لأوليائه مبغضا لأعدائه.
ويحكى عنهم أنهم يتوقفون في أمر عليّ رضي الله عنه ، ولا يصرحون بالبراءة (١) عنه ، ويصرحون بالبراءة في حق غيره.
٦ ـ الثعالبة (٢)
أصحاب ثعلبة (٣) بن عامر ، كان مع عبد الكريم بن عجرد يدا واحدة إلى أن اختلفا في أمر الأطفال فقال ثعلبة : إنا على ولايتهم صغارا وكبارا حتى نرى منهم إنكارا للحق ورضا بالجواز ، فتبرأت العجاردة من ثعلبة ، ونقل عنه أيضا أنه قال : ليس له حكم في حال الطفولة من ولاية وعداوة ، حتى يدركوا ويدعوا. فإن قبلوا فذاك ، وإن أنكروا كفروا. وكان يرى أخذ الزكاة من عبيدهم إذا استغنوا ، وإعطاءهم منها إذا افتقروا.
__________________
(١) غير أن أهل السنّة ألزموا الحازمية على قولها بالموافاة أن يكون علي وطلحة والزبير وعثمان من أهل الجنة ، لأنهم من أهل بيعة الرضوان الذي قال الله تعالى فيهم : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) وقالوا لهم : إذا كان الرضا من الله تعالى عن العبد إنما يكون عن علم أنه يموت على الإيمان وجب أن يكون المبايعون تحت الشجرة على هذه الصفة. وكان علي وطلحة والزبير منهم وكان عثمان يومئذ أسيرا فبايع له النبيصلىاللهعليهوسلم وجعل يده ، بدلا عن يده ، وصحّ بهذا بطلان قول من أكفر هؤلاء الأربعة. (راجع الفرق بين الفرق ص ٩٤ ـ ٩٥).
(٢) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ١٠٠ ومقالات الإسلاميين والتبصير ص ٣٣).
(٣) سمّاه عبد القاهر في الفرق بين الفرق : ثعلبة بن مشكان. والأشعري لم يزد عن : «ثعلبة». وفي خطط المقريزي هو كما ذكره المؤلف هاهنا.
وروى المقريزي وعبد القاهر البغدادي والأسفراييني سبب اختلاف ثعلبة مع ابن عجرد فقالوا ما ملخصه : أن رجلا من العجاردة خطب إلى ثعلبة بنته ، فقال له : بين مهرها فأرسل الخاطب امرأة إلى تلك البنت يسألها هل بلغت البنت؟ فإن كانت قد بلغت وقبلت الإسلام على الشرط الذي تعتبره العجاردة لم يبال كم كان مهرها. فقالت أمّها : هي مسلمة في الولاية بلغت أم لم تبلغ. فأخبر بذلك عبد الكريم بن عجرد وثعلبة فاختار عبد الكريم البراءة من الأطفال قبل البلوغ. وقال ثعلبة : نحن على ولايتهم صغارا وكبارا إلى أن يبين لنا منهم إنكار للحق. فلما اختلفا في ذلك برئ كل واحد منهما من صاحبه وصار ثعلبة إماما.