قبل هذا ، فقال رشيد : إن لم تجز البراءة منهم فإنا نعمل بما عملوا ، فافترقوا في ذلك فرقتين.
(د) الشيبانية (١) : أصحاب شيبان (٢) بن سلمة ، الخارج في أيام مسلم (٣) ، وهو المعين له ولعلي (٤) بن الكرماني على نصر (٥) بن سيار ، وكان من الثعالبة ، فلما أعانهما برئت منه الخوارج ، فلما قتل شيبان ذكر قوم توبته ، فقالت الثعالبة : لا تصح توبته لأنه قتل الموافقين لنا في المذهب ، وأخذ أموالهم ، ولا يقبل توبة من قتل مسلما وأخذ ماله إلا بأن يقتص من نفسه ، ويرد الأموال ، أو يوهب له ذلك.
ومن مذهب شيبان أنه قال بالجبر ، ووافق جهم بن صفوان في مذهبه إلى الجبر ، ونفى القدرة الحادثة. وينقل عن زياد بن عبد الرحمن الشيباني أبي خالد أنه قال : إن الله تعالى لم يعلم حتى خلق لنفسه علما ، وأن الأشياء إنما تصير معلومة له
__________________
(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ١٠٢ والتبصير ص ٣٤).
(٢) هو شيبان بن سلمة السدوسي الحروري. قال المقريزي : «هو أول من أظهر القول بالتشبيه. كان قبيل ظهور الدعوة العباسية مقيما بمرو وثار على نصر بن سيار (والي خراسان من قبل مروان بن محمد) ، خرج في أيام أبي مسلم الخراساني وأعانه على أعدائه في حروبه ، ثم أخفر عهده ، فأرسل إليه أبو مسلم يدعوه إلى البيعة ، فقال له شيبان أنا أدعوك إلى بيعتي. واختلفا. فسيّر أبو مسلم جيشا لقتاله فقتل شيبان على أبواب سرخس سنة ١٣٠ ه / ٧٤٨ م. (راجع الطبري ٩ : ١٠٢ والمحبر ص ٢٥٥ والمقريزي ١ : ٣٥٥).
(٣) هو أبو مسلم الخراساني مؤسس الدولة العباسية قتله المنصور سنة ١٦٨ ه.
(٤) هو علي بن جديع الكرماني ، طابق أبا مسلم على حرب نصر بن سيّار وساعده في دعوته. قتله أبو مسلم سنة ١٣٠ ه. (راجع الطبري ٩ : ١٠٤).
(٥) كان شيخ مضر بخراسان ووالي بلخ ثم ولي إمرة خراسان سنة ١٢٠ ه. قويت الدعوة العباسية في أيامه فكتب إلى بني مروان بالشام يحذرهم وينذرهم ، وهو صاحب الأبيات التي أرسلها إلى مروان بن محمد :
أرى خلل الرماد وميض جمر |
|
ويوشك أن يكون له ضرام |
فإن النار بالعودين تذكى |
|
وإن الحرب مبدؤها الكلام |
فقلت من التعجب ليت شعري |
|
أأيقاظ أميّة أم ينام |
مرض ، ومات بساوة سنة ١٣١ ه / ٧٤٨ م. (راجع ابن الأثير ٥ : ١٤٨ وخزانة البغدادي ١ : ٣٢٦).