والكراع عند الحرب حلال ، وما سواه (١) حرام. وحرام قتلهم وسبيهم في السر غيلة ، إلا بعد نصب القتال ، وإقامة الحجة.
وقالوا : إن دار مخالفيهم من أهل الإسلام دار توحيد ، إلا معسكر السلطان فإنه دار بغي. وأجازوا شهادة مخالفيهم على أوليائهم ، وقالوا في مرتكبي الكبائر : إنهم موحدون لا مؤمنون.
وحكى الكعبي عنهم : أن الاستطاعة عرض من الأعراض ، وهي قبل الفعل ، بها يحصل الفعل ، وأفعال العباد مخلوقة لله تعالى : إحداثا وإبداعا ، ومكتسبة للعبد حقيقة ، لا مجازا ، ولا يسمون إمامهم أمير المؤمنين ، ولا أنفسهم مهاجرين ، وقالوا : العالم يفنى كله إذا فني أهل التكليف. قال : وأجمعوا على أن من ارتكب كبيرة من الكبائر كفر ، كفر النعمة ، لا كفر الملة ، وتوقفوا في أطفال المشركين ، وجوّزوا تعذيبهم على سبيل الانتقام وأجازوا أن يدخلوا الجنة تفضلا وحكى الكعبي عنهم أنهم قالوا بطاعة لا يراد بها الله تعالى ، كما قال أبو الهذيل.
ثم اختلفوا في النفاق : أيسمى شركا أم لا! قالوا : إن المنافقين في عهد رسول اللهصلىاللهعليهوسلم كانوا موحدين ، إلا أنهم ارتكبوا الكبائر ، فكفروا بالكبيرة لا بالشرك وقالوا : كل شيء أمر الله تعالى به فهو عام ليس بخاص. وقد أمر به المؤمن والكافر ، وليس في القرآن خصوص. وقالوا : لا يخلق الله تعالى شيئا إلا دليلا على وحدانيته ، ولا بد أن يدل به واحدا. وقال قوم منهم : يجوز أن يخلق الله تعالى رسولا بلا دليل ويكلف العباد بما أوحي إليه. ولا يجب عليه إظهار المعجزة ، ولا يجب على الله تعالى ذلك إلى أن يخلق دليلا ، ويظهر معجزة وهم جماعة متفرقون في مذاهبهم (٢) تفرق الثعالبة والعجاردة.
__________________
(١) في الفرق بين الفرق ص ١٠٣ : «والذي استحلّوه الخيل والسلاح فأما الذهب والفضة فإنهم يردونهما على أصحابهما عند الغنيمة».
(٢) افترقت الإباضية فيما بينهم أربع فرق وهي : الحفصية ، والحارثية ، واليزيدية ، وأصحاب طاعة لا يراد الله بها. (راجع الفرق بين الفرق ص ١٠٤).