أما إطلاق اسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الأول فصحيح. لأنهم كانوا يؤخرون العمل عن النية والعقد.
وأما بالمعنى الثاني فظاهر ، فإنهم كانوا يقولون : لا تضر مع الإيمان معصية ، كما لا تنفع مع الكفر طاعة.
وقيل الإرجاء تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة. فلا يقضي عليه بحكم ما في الدنيا ، من كونه من أهل الجنة ، أو من أهل النار (١). فعلى هذا : المرجئة ، والوعيدية فرقتان متقابلتان.
وقيل الإرجاء : تأخير علي رضي الله عنه عن الدرجة الأولى إلى الرابعة. فعلى هذا المرجئة والشيعة فرقتان متقابلتان :
والمرجئة أربعة أصناف : مرجئة الخوارج ، ومرجئة القدرية ، ومرجئة الجبرية ، والمرجئة الخالصة. ومحمد بن شبيب ، والصالحي ، والخالدي من مرجئة القدرية. وكذلك الغيلانية أصحاب غيلان الدمشقي ، أول من أحدث القول بالقدر والإرجاء ، ونحن إنما نعد مقالات المرجئة الخالصة منهم.
١ ـ اليونسيّة (٢)
أصحاب يونس (٣) بن عون النميري ، زعم أن الإيمان هو المعرفة بالله ،
__________________
(١) روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لعنت المرجئة على لسان سبعين نبيا» قيل : من المرجئة يا رسول الله؟ قال: «الذين يقولون الإيمان كلام» يعني الذين زعموا أن الإيمان هو الإقرار وحده دون غيره. (الفرق بين الفرق ص ٢٠٢).
(٢) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٢٠٢ والتبصير ص ٦٠ والمقالات ١ : ١٩٨).
(٣) يونس بن عون النميري وأتباعه اليونسية ، وهم غير اليونسية أتباع يونس بن عبد الرحمن القمي ، الذين يزعمون أن النصف الأعلى لله مجوف والأدنى مصمت. وهؤلاء من الإمامية. أما أتباع ابن عون فمن المرجئة. وابن عون كان يزعم أن الإيمان في القلب واللسان ، وأنه هو المعرفة بالله تعالى ، والمحبة والخضوع له بالقلب ، والإقرار باللسان أنه واحد ليس كمثله شيء ، ما لم تقم حجة الرسل عليهمالسلام ، فإن قامت عليهم [لزمهم] التصديق لهم ومعرفة ما جاء من عندهم في الجملة من الإيمان ، وليست معرفة تفصيل ما جاء من عندهم إيمانا ولا من جملته. (الفرق بين الفرق ص ٢٠٣ والتبصير ص ٧١ والاعتقادات ص ٧٤).