والخضوع له ، وترك الاستكبار عليه ، والمحبة بالقلب. فمن اجتمعت فيه هذه الخصال فهو مؤمن وما سوى ذلك من الطاعة فليس من الإيمان ولا يضر تركها حقيقة الإيمان ، ولا يعذب على ذلك إلا إذا كان الإيمان خالصا ، واليقين صادقا.
وزعم أن إبليس كان عارفا بالله وحده ، غير أنه كفر باستكباره عليه ، (أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) (١) قال : ومن تمكن في قلبه الخضوع لله ، والمحبة له على خلوص ويقين لم يخالفه في معصية ، وإن صدرت منه معصية فلا تضره بيقينه وإخلاصه. والمؤمن إنما يدخل الجنة بإخلاصه ومحبته ، لا بعمله وطاعته.
٢ ـ العبيديّة
أصحاب عبيد المكتئب (٢). حكى عنه أنه قال : ما دون الشرك مغفور لا محالة ، وإن العبد إذا مات على توحيده لا يضره ما اقترف من الآثام واجترح من السيئات. وحكى اليمان عن عبيد المكتئب وأصحابه أنهم قالوا : إن علم الله تعالى لم يزل شيئا غيره. وإن كلامه لم يزل شيئا غيره. وكذلك دين الله لم يزل شيئا غيره. وزعم أن الله ـ تعالى عن قولهم ـ على صورة إنسان ، وحل عليه قوله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله خلق آدم على صورة الرّحمن».
٣ ـ الغسّانيّة (٣)
أصحاب غسان (٤) الكوفي. زعم أن الإيمان هو المعرفة بالله تعالى وبرسوله ،
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٣٤.
(٢) في «الفصل في الملل والأهواء والنحل ص ١٨٧» أنه عبيد المكبت. وفي «نسخة» : عبيد المكتب. وفي تهذيب التهذيب ٧ : ٧٤ : «هو عبيد بن مهران المكتب الكوفي» ، روى عن مجاهد والشعبي وغيرهما. قال أبو حاتم : ثقة صالح الحديث. وقال ابن سعد : كان ثقة قليل الحديث وروى عنه السفيانان وفضيل وغيرهم.
(٣) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٢٠٣ والتبصير ص ٦٠).
(٤) هو غسان الكوفي المرجئ. وليس هو غسان بن أبان المحدث كما وهم بعضهم فإن ابن أبان يمامي وذاك كوفي. وقد زعم في كتابه أن قوله في هذا الكتاب أن الإيمان يزيد ولا ينقص كقول أبي حنيفة فيه وهذا غلط منه عليه لأن أبا حنيفة قال : إن الإيمان هو المعرفة والإقرار بالله تعالى وبرسله وبما جاء من الله تعالى ورسله في الجملة دون التفصيل وأنه لا يزيد ولا ينقص ولا يتفاضل الناس فيه ، وغسان قد قال بأنه يزيد ولا ينقص. (راجع ميزان الاعتدال ٢ : ٣٢١ والفرق بين الفرق ص ١٤١).