ولهيبها. فيتألم بذلك على قدر معصيته ثم يدخل الجنة ، ومثّل ذلك بالحبة على المقلاة المؤججة بالنار.
ونقل عن بشر بن غياث المريسي (١) أنه قال : إذا دخل أصحاب الكبائر النار فإنهم سيخرجون عنها بعد أن يعذبوا بذنوبهم. وأما التخليد فيها فمحال ، وليس بعدل.
وقيل إن أول من قال بالإرجاء : الحسن (٢) بن محمد بن عليّ بن أبي طالب ، وكان يكتب فيه الكتب إلى الأمصار. إلا أنه ما أخر العمل عن الإيمان كما قالت المرجئة اليونسية ، والعبيديّة ، لكنه حكم بأن صاحب الكبيرة لا يكفر إذ الطاعات وترك المعاصي ليست من أصل الإيمان حتى يزول الإيمان بزوالها.
٥ ـ التّومنيّة (٣)
أصحاب (٤) أبي معاذ التومني ، زعم أن الإيمان هو ما عصم من الكفر ، وهو اسم لخصال إذا تركها كفر ، وكذلك لو ترك خصلة واحدة منها كفر ، ولا يقال للخصلة الواحدة منها إيمان ، ولا بعض إيمان ، وكل معصية كبيرة أو صغيرة لم يجمع عليها المسلمون بأنها كفر لا يقال لصاحبها فاسق ، ولكن يقال فسق وعصى ، قال : وتلك الخصال هي المعرفة والتصديق والمحبة ، والإخلاص ، والإقرار بما جاء به الرسول ، قال : ومن ترك الصلاة والصيام مستحلا كفر ، ومن
__________________
(١) في حديثه عن المريسيّة قال عبد القاهر البغدادي ص ٢٠٤ : «هؤلاء مرجئة بغداد من أتباع بشر المريسي وكان في الفقه على رأي أبي يوسف القاضي ، غير أنه لما أظهر قوله بخلق القرآن هجره أبو يوسف وضلّلته الصفاتيّة في ذلك. ولما وافق الصفاتية ـ في القول بأن الله تعالى خالق أكساب العباد ، وفي أن الاستطاعة مع الفعل ـ أكفرته المعتزلة في ذلك فصار مهجور الصفاتية والمعتزلة معا.
(٢) الحسن بن محمد بن الحنفية الهاشمي العلوي. روي أنه صنّف كتابا في الإرجاء ثم ندم عليه ، وكان من عقلاء قومه وعلمائهم. توفي سنة ١٠١ ه وقيل سنة ٩٥ ه. (الشذرات ١ : ١٢١).
(٣) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٢٠٣ والتبصير ص ٦١ ومقالات الإسلاميين ١ : ٢٠٤).
(٤) هم فرقة من المرجئة. (راجع اللباب ١ : ١٨٧).