وهم خمس فرق : كيسانية ، وزيدية ، وإمامية ، وغلاة ، وإسماعيلية ، وبعضهم يميل في الأصول إلى الاعتزال ، وبعضهم إلى السنّة ، وبعضهم إلى التشبيه.
١ ـ الكيسانيّة (١)
أصحاب كيسان (٢) ، مولى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وقيل تلمذ للسيد محمد (٣) بن الحنفية رضي الله عنه ، يعتقدون فيه اعتقادا فوق حده ودرجته ، من إحاطته بالعلوم كلها ، واقتباسه من السيدين الأسرار بجملتها من علم التأويل والباطن ، وعلم الآفاق ، والأنفس.
ويجمعهم القول بأن الدين طاعة رجل ، حتى حملهم ذلك على تأويل الأركان الشرعية من الصلاة والصيام والزكاة والحج ، وغير ذلك على رجال ، فحمل بعضهم على ترك القضايا الشرعية بعد الوصول إلى طاعة الرجل ، وحمل بعضهم على ضعف الاعتقاد بالقيامة ، وحمل بعضهم على القول بالتناسخ والحلول ، والرجعة بعد الموت. فمن مقتصر على واحد معتقد أنه لا يموت ، ولا يجوز أن يموت حتى يرجع ، ومن معتقد حقيقة الإمامة إلى غيره ، ثم متحسر عليه ، متحير فيه ، ومن مدّع حكم الإمامة وليس من الشجرة.
وكلهم حيارى متقطعون ، ومن اعتقد أن الدين طاعة رجل ولا رجل له فلا دين له نعوذ بالله من الحيرة والحور بعد الكور (٤) ، رب اهدنا السبيل.
__________________
(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٣٨ ونسبها إلى المختار بن أبي عبيد الثقفي ومروج الذهب ٣ : ٨٧ ومقالات الإسلاميين ١ : ٨٩ وجعلها أحدى عشرة فرقة).
(٢) زعم بعضهم أن «المختار» كان يقال له كيسان.
(٣) تقدمت ترجمته. توفي سنة ٨١ ه.
(٤) نعوذ بالله من الحور بعد الكور ، الحور : النقصان والرجوع ، والكور : الزيادة ، أخذ من كور العمامة. وقيل: الرجوع بعد الاستقامة والنقصان بعد الزيادة. وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان يتعوذ من الحور بعد الكور أي من النقصان بعد الزيادة.