هذا المذهب وتابعه مبيّضة (١) ما وراء النهر. وهؤلاء صنف من الخزاميّة (٢) دانوا بترك الفرائض وقالوا الدين معرفة الإمام فقط. ومنهم من قال : الدين أمران : معرفة الإمام ، وأداء الأمانة. ومن حصل له الأمران فقد وصل إلى الكمال ، وارتفع عنه التكليف. ومن هؤلاء من ساق الإمامة إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس من أبي هاشم محمد بن الحنفية وصية إليه ، لا من طريق آخر.
وكان أبو مسلم صاحب الدولة على مذهب الكيسانية في الأول. واقتبس من دعاتهم العلوم التي اختصوا بها ، وأحسن منهم أن هذه العلوم مستودعة فيهم ، فكان يطلب المستقر فيه ، فبعث إلى الصادق جعفر بن محمد رضي الله عنهما : إني قد أظهرت الكلمة ، ودعوت الناس عن موالاة بني أمية إلى موالاة أهل البيت ، فإن رغبت فيه ، فلا مزيد عليك.
فكتب إليه الصادق رضي الله عنه : ما أنت من رجالي ، ولا الزمان زماني.
فحاد أبو مسلم إلى أبي العباس عبد الله بن محمد السفاح ، وقلده أمر الخلافة.
٢ ـ الزيدية
أتباع زيد (٣) بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة رضي الله عنها ، ولم يجوزوا ثبوت الإمامة في غيرهم ، إلا أنهم جوزوا أن يكون كل فاطمي عالم شجاع سخي خرج بالإمامة ، أن يكون
__________________
(١) في الفرق بين الفرق ص ٢٥٧ : «وأما المقنّعية فهم المبيّضة بما وراء نهر جيحون وكان زعيمهم المعروف بالمقنّع ...».
(٢) الخرمية : اسم لأصحاب التناسخ والحلول والإباحة ، كانوا في زمن المعتصم فقتل شيخهم بابك وتشتتوا في البلاد. وقد بقيت منهم في جبال الشام بقية ينسبون إلى بابك الخرمي الطاغية الذي كاد أن يستولي على الممالك زمن المعتصم وكان يرى رأي المزدكية من المجوس الذين خرجوا أيام قباذ وأباحوا النساء والمحرمات وقتلهم أنوشروان. (راجع التاج ٨ : ٢٧٢).
(٣) هو أبو الحسين العلوي الهاشمي القرشي. يقال له : «زيد الشهيد» توفي سنة ١٢٢ ه / ٧٤٠ م. (تقدمت ترجمته).