مع أعداء الدين ، وحتى يكون للمسلمين جماعة ، ولا يكون الأمر فوضى بين العامة. فلا يشترط فيها أن يكون الإمام أفضل الأمة علما ، وأقدمهم عهدا ، وأسدهم رأيا وحكمة ، إذ الحاجة تنسد بقيام المفضول مع وجود الفاضل والأفضل (١).
ومالت جماعة من أهل السنّة إلى ذلك حتى جوزوا أن يكون الإمام غير مجتهد ، ولا خبير بمواقع الاجتهاد (٢) ، ولكن يجب أن يكون معه من يكون من أهل الاجتهاد فيراجعه في الأحكام ، ويستفتي منه في الحلال والحرام. ويجب أن يكون في الجملة ذا رأي متين ، وبصر في الحوادث نافذ.
* * *
(ج) الصالحية والبترية (٣) : الصالحية أصحاب الحسن (٤) بن صالح بن حي ، والبترية : أصحاب كثير (٥) النوى الأبتر ، وهما متفقان في المذهب ، وقولهم في الإمامة كقول السليمانية ، إلا أنهم توقفوا في أمر عثمان : أهو مؤمن أم كافر؟ قالوا :
__________________
(١) قال الأشعري : «يجب أن يكون الإمام أفضل زمانه في شروط الإمامة ولا تنعقد الإمامة لأحد مع وجود من هو أفضل منه فيها فإن عقدها قوم للمفضول كان المعقود له من الملوك دون الأئمة .. واختار أبو العباس القلانسي جواز عقد الإمامة للمفضول إذا كانت فيه شروط الإمامة مع وجود الأفضل منه ، وقال النظام والجاحظ إن الإمامة لا يستحقّها إلّا الأفضل ولا يجوز صرفها إلى المفضول. واجتمعت الروافض على أنه لا يجوز إمامة المفضول إلّا سليمان بن جرير الزيدي ..». (راجع أصول الدين ص ٢٩٣).
(٢) روي عن ابن حنبل ألفاظ تقتضي إسقاط اعتبار العدالة والعلم والفضل ... (راجع الأحكام السلطانية لابن أبي يعلى ص ٤).
(٣) راجع في شأنهما. (الفرق بين الفرق ص ٣٣) وسمّاهما البترية وقال : «هؤلاء أتباع رجلين : أحدهما الحسن بن صالح بن حي والأخير كثير النواء الملقب بالأبتر» ومقالات الإسلاميين ١ : ١٣٦ والتبصير ص ١٧.
(٤) قال ابن النديم في الفهرست ص ٢٦٧ ط مصر «ولد الحسن بن صالح بن حي سنة مائة ، ومات متخفيا سنة ١٦٨ ه وكان من كبار الشيعة الزيدية وعظمائهم وعلمائهم وكان فقيها متكلما ... وللحسن أخوان : أحدهما علي بن صالح ، والآخر صالح بن صالح». (راجع الذهبي في العبر ١ : ٢٤٩ وتهذيب التهذيب ٢ : ٢٨٥). ويرجّح أنه توفي سنة ١٦٧ ه.
(٥) توفي في حدود سنة ١٦٩ ه.