هذا الكتاب. وهم منقسمون بالقسمة الصحيحة الأولى إلى أهل الديانات والملل ، وأهل الأهواء والنحل.
فأرباب الديانات مطلقا مثل المجوس ، واليهود ، والنصارى ، والمسلمين.
وأهل الأهواء والآراء مثل الفلاسفة ، والدّهرية (١) ، والصابئة (٢) ، وعبدة الكواكب والأوثان ، والبراهمة (٣).
ويفترق كل منهم فرقا. فأهل الأهواء ليست تنضبط مقالاتهم في عدد معلوم. وأهل الديانات قد انحصرت مذاهبهم بحكم الخبر الوارد فيها. فافترقت المجوس على سبعين فرقة. واليهود على إحدى وسبعين فرقة. والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة. والمسلمون على ثلاث وسبعين فرقة. والناجية (٤) أبدا من الفرق واحدة ، إذ الحق من القضيتين المتقابلتين في واحدة ، ولا يجوز أن يكون قضيتان متناقضتان متقابلتان على شرائع التقابل إلّا وأن تقتسما الصدق والكذب. فيكون الحق في إحداهما دون الأخرى ومن المحال الحكم على المتخاصمين المتضادين في أصول المعقولات بأنهما محقان صادقان.
وإذا كان الحق في كل مسألة عقلية واحدا ؛ فالحق في جميع المسائل يجب أن يكون مع فرقة واحدة. وإنما عرفنا هذا بالسمع وعنه أخبر التنزيل في قوله عزّ
__________________
(١) الدهري : الملحد الذي لا يؤمن بالآخرة القائل ببقاء الدهر وهو مولّد.
(٢) الصابئون : جمع صابئ وهو من انتقل إلى دين آخر. وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره سمي في اللغة صابئا. كانوا يعبدون النجوم والكواكب. (راجع مجمع البيان ١ : ١٢٦ والقرطبي ١ : ٣٨٠ وابن خلدون ١ : ١١٦).
(٣) في القرن الثامن قبل الميلاد أطلق على الديانة الهندوسية اسم «البرهمية» نسبة إلى «برهما» وهو في اللغة السنسكريتية معناه «الله» ورجال دين الهندوس يعتقدون أنه الإله الموجود بذاته الذي لا تدركه الحواس وإنما يدرك بالعقل وهو الأصل الأزلي المستقل الذي أوجد الكائنات كلها ومنه يستمد العالم وجوده ويعتقد الهندوس أن رجال هذا الدين يتّصلون في طبائعهم بعنصر «البرهما» ولذلك أطلق عليهم اسم «البراهمة». (راجع الأديان والفرق والمذاهب المعاصرة ص ٤٥).
(٤) سيشرحها النبي صلىاللهعليهوسلم بعد أسطر قليلة.