الحسين رضي الله عنهم على رأي واحد ، بل اختلافاتهم أكثر من اختلافات الفرق كلها ، حتى قال بعضهم إن نيّفا وسبعين فرقة من الفرق المذكورة في الخبر هو في الشيعة خاصة ، ومن عداهم فهم خارجون عن الأمة. وهم متفقون في الإمامة وسوقها إلى جعفر (١) بن محمد الصادق رضي الله عنه. ومختلفون في المنصوص عليه بعده من أولاده ، إذ كانت له خمسة أولاد ، وقيل ستة : محمد ، وإسحاق ، وعبد الله ، وموسى ، وإسماعيل ، وعليّ ، ومن ادعى منهم النص والتعيين : محمد ، وعبد الله ، وموسى ، وإسماعيل. ثم منهم من مات ولم يعقب. ومنهم من مات وأعقب. ومنهم من قال بالتوقف ، والانتظار ، والرجعة. ومنهم من قال بالسوق والتعدية كما سيأتي اختلافاتهم عند ذكر طائفة طائفة.
وكانوا في الأول على مذهب أئمتهم في الأصول ، ثم لما اختلفت الروايات عن أئمتهم ، وتمادى الزمان : اختارت كل فرقة منهم طريقة. فصارت الإمامية بعضها معتزلة : إما وعيدية ، وإما تفضيلية. وبعضها إخبارية : إما مشبهة وإما سلفية. ومن ضل الطريق وتاه لم يبال الله به في أيّ واد هلك.
(أ) الباقريّة (٢) والجعفريّة الواقفة : أتباع : محمد (٣) بن الباقر بن علي زين العابدين ، وابنه جعفر الصادق. قالوا بإمامتهما وإمامة والدهما زين العابدين. إلا أن منهم من توقف على واحد منهما ، وما ساق الإمامة إلى أولادهما. ومنهم من ساق. وإنما ميزنا هذه فرقة دون الأصناف المتشيعة التي نذكرها ، لأن من الشيعة من توقف على الباقر وقال برجعته (٤) ، كما توقف القائلون بإمامة أبي عبد الله جعفر بن محمد
__________________
(١) تقدمت ترجمته توفي سنة ١٤٨ ه ودفن بالبقيع.
(٢) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٥٩ والتبصير ص ٢٢).
(٣) توفي محمد بن الباقر سنة ١١٤ ه.
(٤) في «الفرق بين الفرق» (ص ٥٩ ـ ٦٠) : «وقالوا : إن عليا نصّ على إمامة ابنه الحسن ، ونص الحسن على إمامة الحسين زين العابدين ، ونص زين العابدين على إمامة محمد بن علي المعروف بالباقر ، وزعموا أنه هو المهدي المنتظر بما روي أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لجابر بن عبد الله الأنصاري : «إنك تلقاه فاقرئه مني السلام» وكان جابر آخر من مات بالمدينة من الصحابة وكان قد عمي في آخر عمره ، وكان يمشي في ـ