الخالق بالخلق ، والنصارى شبهت الخلق بالخالق فسرت هذه الشبهات في أذهان الشيعة الغلاة ، حتى حكمت بأحكام الإلهية في حق بعض الأئمة. وكان التشبيه بالأصل والوضع في الشيعة ، وإنما عادت إلى بعض أهل السنّة بعد ذلك وتمكن الاعتزال فيهم لما رأوا أن ذلك أقرب إلى المعقول ، وأبعد من التشبيه والحلول.
وبدع الغلاة محصورة في أربع : التشبيه ، والبداء ، والرجعة ، والتناسخ ، ولهم ألقاب ، وبكل بلد لقب ، فيقال لهم بأصبهان : الخرّميّة ، والكوذكيّة ، وبالري : المزدكية والسنباذية ، وبأذربيجان الدقولية ، وبموضع المحمرة ، وبما وراء النهر : المبيضة.
وهم أحد عشر صنفا :
(أ) السّبائية (١) : أصحاب عبد الله (٢) بن سبأ الذي قال لعلي كرم الله وجهه : أنت ، أنت ، يعني أنت الإله ، فنفاه إلى المدائن ، زعموا أنه كان يهوديا فأسلم ، وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون وصي موسى عليهماالسلام مثل ما قال في عليّ رضي الله عنه ، وهو أول من أظهر القول بالنص بإمامة عليّ رضي الله عنه ومنه انشعبت أصناف الغلاة.
زعم أن عليا حي لم يمت (٣) ، ففيه الجزء الإلهي ، ولا يجوز أن يستولى عليه ، وهو الذي يجيء في السحاب ، والرعد صوته ، والبرق تبسمه ، وأنه سينزل إلى الأرض بعد ذلك فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.
__________________
(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٢٣٣ والتبصير ص ٧١ ومقالات الإسلاميين ١ : ٨٥ وشرح عقيدة السفاريني ١ : ٨٠).
(٢) راجع الفرق بين الفرق ص ٢٢٥ بالهامش والتعريفات للسيد الشريف الجرجاني ص ٧٩.
(٣) غلا ابن سبأ في عليّ حتى زعم أنه إله ودعا إلى ذلك قوما من غواة الكوفة. ورفع خبرهم إلى علي فأمر بإحراق قوم منهم في حفرتين حتى قال بعض الشعراء في ذلك :
لترم بي الحوادث حيث شاءت |
|
إذا لم ترم بي في الحفرتين |
ثم إنه خاف من إحراق الباقين منهم فنفى ابن سبأ إلى ساباط المدائن فلما قتل علي زعم ابن سبأ أن المقتول لم يكن عليا وإنما كان شيطانا تصور للناس في صورة علي وأن عليا صعد إلى السماء كما صعد إليها عيسى بن مريم عليهالسلام وأنه سينزل إلى الدنيا وينتقم من أعدائه. ـ