وإنما أظهر ابن سبأ هذه المقالة بعد انتقال عليّ رضي الله عنه واجتمعت عليه جماعة ، وهم أول فرقة قالت بالتوقف ، والغيبة ، والرجعة ، وقالت بتناسخ الجزء الإلهي في الأئمة بعد عليّ رضي الله عنه ، قال : وهذا المعنى مما كان يعرفه الصحابة وإن كانوا على خلاف مراده ، هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول فيه حين فقأ عين واحد بالحد في الحرم ورفعت القصة إليه : ما ذا أقول في يد الله فقأت عينا في حرم الله؟ فأطلق عمر اسم الإلهية عليه لما عرف منه ذلك.
(ب) الكاملية (١) : أصحاب أبي كامل (٢) ، أكفر جميع الصحابة بتركها بيعة علي رضي الله عنه ، وطعن في علي أيضا بتركه طلب حقه ، ولم يعذره في القعود ، قال : وكان عليه أن يخرج ويظهر الحق ، على أنه غلا في حقه وكان يقول : الإمامة نور يتناسخ من شخص إلى شخص ، وذلك النور في شخص يكون نبوة ، وفي شخص يكون إمامة ، وربما تتناسخ الإمامة فتصير نبوة ، وقال بتناسخ الأرواح وقت الموت.
والغلاة على أصنافها كلهم متفقون على التناسخ والحلول ، ولقد كان
__________________
ـ وكان ابن سبأ مع بعض أتباعه يزعمون أن عليا في السحاب وأن الرعد صوته ومن سمع من هؤلاء صوت الرعد قال : عليك السلام يا أمير المؤمنين. وفي هذه الطائفة قال إسحاق بن سويد العدوي قصيدته التي برئ فيها من الخوارج والروافض والقدرية ومنها :
برئت من الخوارج لست منهم |
|
من الغزّال منهم وابن باب |
ومن قوم إذا ذكروا عليا |
|
يردّون السلام على السحاب |
ولكني أحبّ بكل قلبي |
|
وأعلم أن ذاك من الصواب |
رسول الله والصديق حبّا |
|
به أرجو غدا حسن الثواب |
(راجع الفرق بين الفرق ص ٢٣٣ وما بعدها).
(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٥٤ والتبصير ص ٢١) ولم يذكر الأشعري في مقالات الإسلاميين الكاملية بين فرق الرافضة.
(٢) هو القائل بتكفير الصحابة بترك نصرة عليّ وتكفير عليّ بترك طلب حقّه. وفي الشفاء : الكميلية بتصغير كامل على كميل. ونسبوا إليه خلاف القياس ، تصغير تحقير. والكاملية شرّ الروافض. (التاج ٨ : ١٠٤).