التناسخ مقالة لفرقة في كل ملة تلقوها من المجوس المزدكية ، والهند البرهمية ، ومن الفلاسفة والصابئة ، ومذهبهم أن الله تعالى قائم بكل مكان ، ناطق بكل لسان ، ظاهر في كل شخص من أشخاص البشر ، وذلك بمعنى الحلول.
وقد يكون الحلول بجزء ، وقد يكون بكل ، أما الحلول بجزء ، فهو كإشراق الشمس في كوة ، أو كإشراقها على البلّور.
أما الحلول بكل فهو كظهور ملك بشخص ، أو شيطان بحيوان.
ومراتب التناسخ أربع : النسخ ، والمسخ ، والفسخ ، والرسخ (١) ، وسيأتي شرح ذلك عند ذكر فرقهم من المجوس على التفصيل (٢) ، وأعلى المراتب مرتبة الملكيّة أو النبوة ، وأسفل المراتب الشيطانية أو الجنية.
وهذا أبو كامل كان يقول بالتناسخ ظاهرا من غير تفصيل مذهبه.
(ج) العلبائية (٣) : أصحاب العلباء بن ذراع الدوسي ، وقال قوم : هو الأسدي ، وكان يفضل عليا على النبي صلىاللهعليهوسلم ، وزعم أنه بعث محمدا ، يعني عليا ، وسماه إلها ، وكان يقول بذم محمد صلىاللهعليهوسلم ، وزعم أنه بعث ليدعو إلى علي فدعا إلى نفسه ، ويسمون هذه الفرقة الذميمة.
__________________
(١) في شرح المواقف ٢ : ٤٤٤ : أن «النفوس الناقصة التي بقي شيء من كمالاتها ، فإنها تتردّد في الأبدان الإنسانية ، وتنتقل من بدن إلى آخر حتى تبلغ النهاية فيما هو كمالها من علومها وأخلاقها. فحينئذ تبقى مجردة مطهّرة عن التعلّق بالأبدان. ويسمّى هذا الانتقال نسخا.
وقيل : ربما تنازلت إلى الأبدان الحيوانية فتنتقل من البدن الإنساني إلى بدن حيواني يناسبه في الأوصاف كبدن الأسد للشجاع والأرنب للجبان ويسمّى مسخا.
وقيل : ربما تنازلت إلى الأجسام النباتية ويسمّى رسخا.
وقيل : إلى الجمادية كالمعادن والبسائط أيضا ويسمّى فسخا.
(٢) لم يشرح أو يفصّل مراتب التناسخ الأربع كما ذكر عند الحديث عن فرقهم من المجوس.
(٣) سماها عبد القاهر في الفرق بين الفرق ص ٢٥١ : الذميّة ، وقال : «هم قوم زعموا أن عليا هو الله وشتموا محمدا ... وهذه خارجة عن فرق الإسلام لكفرها بنبوّة محمد من الله تعالى». (راجع في شأن هذه الفرقة التبصير ص ٧٥).