قادر ، ولا يسأل عن قدرته ومشيئته ، وأنه مهما أراد شيئا قال له كن فيكون ، وهو حكيم، إلّا أنه يتوجه على مساق حكمته أسئلة. قالت الملائكة : ما هي؟ وكم هي؟ قال لعنه الله: سبع.
الأول منها : أنه قد علم قبل خلقي أيّ شيء يصدر عني ويحصل مني فلم خلقني أولا؟ وما الحكمة في خلقه إيّاي؟
والثاني : إذ خلقني على مقتضى إرادته ومشيئته ؛ فلم كلّفني بمعرفته وطاعته؟ وما الحكمة في هذا التكليف بعد أن لا ينتفع بطاعة ، ولا يتضرّر بمعصية؟
والثالث : إذ خلقني وكلّفني فالتزمت تكليفه بالمعرفة والطاعة فعرفت وأطعت ، فلم كلّفني بطاعة آدم والسجود له ، وما الحكمة في هذا التكليف على الخصوص بعد أن لا يزيد ذلك في معرفتي وطاعتي إياه؟
والرابع : إذ خلقني وكلّفني على الإطلاق ، وكلّفني بهذا التكليف على الخصوص ، فإذا لم أسجد لآدم ، فلم لعنني وأخرجني من الجنة؟ وما الحكمة في ذلك بعد أن لم أرتكب قبيحا إلّا قولي : لا أسجد إلّا لك؟
والخامس : إذ خلقني وكلّفني مطلقا وخصوصا ؛ فلم أطع فلعنني وطردني ، فلم طرّقني(١) إلى آدم حتى دخلت الجنة ثانيا وغررته بوسوستي ، فأكل من الشجرة المنهي عنها ، وأخرجه من الجنة معي؟ وما الحكمة في ذلك بعد أن لو منعني من دخول الجنة لاستراح مني آدم ، وبقي خالدا فيها؟
والسادس : إذ خلقني وكلّفني عموما ، وخصوصا ، ولعنني ، ثم طرقني إلى الجنة ، وكانت الخصومة بيني وبين آدم ؛ فلم سلّطني على أولاده حتى أراهم من حيث لا يرونني ، وتؤثر فيهم وسوستي (٢) ولا يؤثّر فيّ حولهم وقوّتهم ، وقدرتهم
__________________
(١) طرقني : جعل لي طريقا.
(٢) الوسوسة : حديث النفس واختلاط الذهن. والوسواس : هو الشيطان.