والأميون كانوا ينصرون دين القبائل ، ويذهبون مذهب بني إسماعيل ، ولما انشعب النور الوارد من آدم عليهالسلام إلى إبراهيم عليهالسلام ، ثم الصادر عنه إلى شعبتين : شعبة في بني إسرائيل (١) ، وشعبة في بني إسماعيل ، وكان النور المنحدر منه إلى بني إسرائيل ظاهرا ، والنور المنحدر منه إلى بني إسماعيل مخفيا ؛ كان يستدل على النور الظاهر بظهور الأشخاص وإظهار النبوة في شخص شخص. ويستدل على النور المخفي بإبانة المناسك والعلامات ، وستر الحال في الأشخاص.
وقبلة الفرقة الأولى : بيت المقدس. وقبلة الفرقة الثانية : بيت الله الحرام الذي وضع للناس ببكة (٢) مباركا وهدى للعالمين. وشريعة الأولى : ظواهر الأحكام. وشريعة الثانية : رعاية المشاعر الحرام. وخصماء الفريق الأول : الكافرون مثل فرعون وهامان. وخصماء الفريق الثاني : المشركون مثل عبدة الأصنام والأوثان. فتقابل الفريقان وضح التقسيم بهذه التقابلين.
اليهود والنصارى
وهاتان الأمتان من كبار أمم أهل الكتاب ، والأمة اليهودية أكبر لأن الشريعة كانت لموسى عليهالسلام ، وجميع بني إسرائيل كانوا متعبدين بذلك ، مكلفين بالتزام أحكام التوراة.
__________________
ـ إبراهيم بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل عليهمالسلام ، فولد كل ولد من ولد إسماعيل قبيلة ، وولد كل ولد من لد إسحاق سبط ، وإنما سمي هؤلاء بالأسباط وهؤلاء بالقبائل ليفصل بين ولد إسماعيل وولد إسحاق عليهماالسلام. (راجع اللسان مادة سبط).
وفي مجمع البيان ١ : ٢١٧. «الأسباط واحدهم سبط وهم أولاد إسرائيل ، وهو يعقوب بن إسحاق وهم اثنا عشر سبطا من اثني عشر ابنا».
(١) إسرائيل ، هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهمالسلام وليس في الأنبياء من له اسمان غيره إلّا نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم .. قال الخليل خمسة من الأنبياء ذوو اسمين محمد وأحمد نبينا صلىاللهعليهوسلم وعيسى والمسيح ، وإسرائيل ويعقوب ، ويونس وذو النون ، واليأس وذو الكفل صلىاللهعليهوسلم.
وإسرائيل اسم أعجمي ولذلك لم ينصرف وفيه لغات ومعنى إسرائيل عبد الله. قال ابن عباس : أسر بالعبرانية هو عبد وائل هو الله .. (راجع القرطبي ١ : ٢٨١).
(٢) بكّة : مكّة ، سميت بذلك لأنها كانت تبك أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها بظلم ، وقيل : لأن الناس يتباكّون فيها من كل وجه أي يتزاحمون. (اللسان مادة بكك).