فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) (١).
وإنما الخلاف بين اليهود والنصارى ما كان يرتفع إلا بحكمه ، إذ كانت اليهود تقول : (لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ) (٢) وكانت النصارى تقول : (لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ) (٣) وكان النبي صلىاللهعليهوسلم يقول لهم : (لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) (٤) وما كان يمكنهم إقامتها إلا بإقامة القرآن الحكيم ، وبحكم نبي الرحمة رسول آخر الزمان. فلما أبوا ذلك وكفروا بآيات الله (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ* ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) (٥) الآية.
الفصل الأول
اليهود خاصّة
هاد الرجل : أي رجع وتاب. وإنما لزمهم هذا الاسم لقول موسى عليهالسلام : ـ إنا هدنا إليك ـ أي رجعنا وتضرعنا.
وهم أمة موسى عليهالسلام ، وكتابهم التوراة ؛ وهو أول كتاب نزل من السماء ؛ أعنى أن ما كان ينزل على إبراهيم وغيره من الأنبياء عليهمالسلام ما كان يسمى كتابا ؛ بل صحفا. وقد ورد الخبر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إنّ الله تعالى خلق آدم بيده ، وخلق جنّة عدن بيده ، وكتب التوراة بيده» فأثبت لها اختصاصا آخر سوى سائر الكتب.
__________________
ـ كنا نذكر لكم. فأنزل الله هذه الآية : إذ أن اليهود من بني إسرائيل وقد جاءهم القرآن الذي أنزل على نبيّه محمد صلىاللهعليهوسلم مصدق لما معهم مما أنزله الله قبله من التوراة والإنجيل وغيرهما. وقد كانوا قبل بعثة رسوله ونزول كتابه يستنصرون برسوله ويقولون في حروبهم اللهمّ افتح علينا وانصرنا بحق النبي الأمي اللهمّ انصرنا بحق النبي المبعوث إلينا ويقولون لمن نابذهم هذا نبي الله قد أطل زمانه ينصرنا عليكم ، غير أنهم ما لبثوا أن كفروا به حسدا وبغيا وطلبا للرئاسة. (مجمع البيان ١ : ١٥٨).
(١) سورة البقرة : الآية ٨٩.
(٢) سورة البقرة : الآية ١١٣.
(٣) سورة البقرة : الآية ١١٣.
(٤) سورة البقرة : الآية ٦٨.
(٥) سورة البقرة : الآية ٦١.