قالوا : واليهود ظلموه حيث كذبوه أولا ، ولم يعرفوا بعد دعواه ، قتلوه آخرا ، ولم يعلموا بعد محله ومغزاه. وقد ورد في التوراة ذكر المشيحا في مواضع كثيرة ، وذلك هو المسيح ؛ ولكن لم ترد له النبوة ، ولا الشريعة الناسخة. وورد فارقليط (١) وهو الرجل العالم ؛ وكذلك ورد ذكره في الإنجيل ، فوجب حمله على ما وجد. وعلى من ادعى غير ذلك تحقيقه وحده.
٢ ـ العيسويّة (٢)
نسبوا إلى أبي عيسى إسحاق بن يعقوب الأصفهاني. وقيل : إن اسمه عوفيد ألوهيم أي عابد الله. كان في زمن المنصور ، وابتدأ دعوته في زمن آخر ملوك بني أمية : مروان بن محمد الحمار (٣) ، فاتّبعه بشر كثير من اليهود ، وادّعوا له آيات ومعجزات ، وزعموا أنه لما حورب خط على أصحابه خطا بعود آس ، وقال : أقيموا في هذا الخط ، فليس ينالكم عدو بسلاح. فكان العدو يحملون عليهم حتى إذا بلغوا الخط رجعوا عنهم خوفا من طلسم أو عزيمة ربما وضعها. ثم إن أبا عيسى خرج من الخط وحده على فرسه فقاتل وقتل من المسلمين كثيرا. وذهب إلى أصحاب موسى بن عمران الذين هم وراء النهر المرمل ليسمعهم كلام الله. وقيل : إنه لما حارب أصحاب المنصور بالري قتل وقتل أصحابه.
زعم أبو عيسى أنه نبي ، وأنه رسول المسيح المنتظر. وزعم أن للمسيح
__________________
(١) قال يسوع المسيح في الفصل الخامس عشر من إنجيله : «إن الفارقليط روح الحق الذي يرسله أبي. هو يعلمكم كل شيء ، وقال يوحنا التلميذ عن المسيح : إنه قال لتلاميذه إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الأب أن يعطيكم فار قليطا آخر يثبت معكم إلى الأبد روح الحق الذي لم يطق العالم أن يقتلوه لأنهم لم يعرفوه ولست أدعكم أياما لأني سآتيكم عن قريب ...». (الجواب الصحيح ٤ : ٥).
(٢) ويقال لهم الأصبهانية أصحاب أبي عيسى الأصبهاني. ادعى النبوة وأنه عرج به إلى السماء فمسح الرب على رأسه وأنه رأى محمدا صلىاللهعليهوسلم فأمن به. ويزعم يهود أصبهان أنه الدجال وأنه يخرج من ناحيتهم. (المقريزي ٤ : ٢٧٢).
(٣) تقدمت ترجمته.