خمسة من الرسل يأتون قبله واحدا بعد واحد. وزعم أن الله تعالى كلمه ، وكلفه أن يخلص بني إسرائيل من أيدي الأمم العاصين ، والملوك الظالمين. وزعم أن المسيح أفضل ولد آدم ؛ وأنه أعلى منزلة من الأنبياء الماضين ، وإذ هو رسوله فهو أفضل الكل أيضا. وكان يوجب تصديق المسيح ؛ ويعظم دعوة الداعي ، ويزعم أيضا أن الداعي هو المسيح.
وحرم في كتابه الذبائح كلها ، ونهى عن أكل كل ذي روح على الإطلاق طيرا كان أو بهيمة. وأوجب عشر صلوات ، وأمر أصحابه بإقامتها وذكر أوقاتها ، وخالف اليهود في كثير من أحكام الشريعة الكثيرة المذكورة في التوراة.
وتوراة الناس هي التي جمعها ثلاثون حبرا لبعض ملوك الروم حتى لا يتصرف فيها كل جاهل بمواضع أحكامها ، والله الموفق.
٣ ـ المقاربة (١) واليوذعانيّة
نسبوا إلى يوذعان من همدان : وقيل : كان اسمه يهوذا. كان يحث على الزهد ، وتكثير الصلاة ، وينهى (٢) عن اللحوم والأنبذة. وفيما نقل عنه تعظيم أمر الداعي. وكان يزعم أن للتوراة ظاهرا وباطنا ، وتنزيلا وتأويلا. وخالف بتأويلاته عامة اليهود ، وخالفهم في التشبيه ومال إلى القدر وأثبت الفعل حقيقة للعبد ، وقدر الثواب والعقاب عليه ، وشدد في ذلك.
٤ ـ الموشكانية (٣)
وهم أصحاب موشكان. كان على مذهب يوذعان غير أنه كان يوجب الخروج على مخالفيه ، ونصب القتال معهم. فخرج في تسعة عشر رجلا فقتل بناحية قم. وذكر
__________________
(١) في اعتقادات الرازي أنهم المعادية وهم أتباع رجل من همدان وهم في اليهود كالباطنية في المسلمين (ص ٨٣).
(٢) قال المقريزي ٤ : ٣٧٢ : «يتابع في هذا فرقة المتقشّفين من اليهود وكانوا يمنعون أكثر المآكل وخاصة اللحم. كانوا ينظرون في علم النجوم ويعملون بها».
(٣) في كتاب المسألة اليهودية ص ٢٠ أنهم المشكنم ، وهي من الفرق البائدة.