وبوطينوس ، وبولس الشمشاطي يقولان : إن الإله واحد. وإن المسيح ابتدأ من مريمعليهاالسلام ، وإنه عبد صالح مخلوق ؛ إلا أن الله تعالى شرفه وكرمه لطاعته وسماه ابنا على التبني ، لا على الولادة والاتحاد.
ومن النسطورية قوم يقال لهم المصلين ، قالوا في المسيح مثل ما قال نسطور ، إلا أنهم قالوا : إذا اجتهد الرجل في العبادة ، وترك التغذي باللحم ، والدسم ، ورفض الشهوات الحيوانية ، والنفسانية ، تصفى جوهره حتى يبلغ ملكوت السماوات ويرى الله تعالى جهرة ، وينكشف له ما في الغيب فلا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
ومن النسطورية من ينفي التشبيه ؛ ويثبت القول بالقدر ، خيره وشره من العبد كما قالت القدرية.
٣ ـ اليعقوبية (١)
أصحاب يعقوب. قالوا بالأقانيم الثلاثة كما ذكرنا ، إلا أنهم قالوا : انقلبت الكلمة لحما ودما ، فصار الإله هو المسيح. وهو الظاهر بجسده ، بل هو هو. وعنهم أخبرنا القرآن الكريم : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) (٢).
فمنهم من قال : إن المسيح هو الله تعالى.
ومنهم من قال : ظهر اللاهوت بالناسوت ، فصار ناسوت المسيح مظهر الجوهر ، لا على طريق حلول جزء فيه ، ولا على سبيل اتحاد الكلمة التي هي في حكم الصفة ، بل صار هو هو. وهذا كما يقال : ظهر الملك بصورة إنسان ، أو ظهر الشيطان بصورة حيوان. وكما أخبر التنزيل عن جبريل عليهالسلام (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) (٣).
__________________
(١) اليعقوبية ينسبون إلى يعقوب البرذعاني وكان راهبا بالقسطنطينية وقيل إنهم أهل مذهب ديسقورس. قال ابن العميد وإنما سمي أهل مذهب ديسقورس يعقوبية لأن اسمه كان في الغلمانية يعقوب .. وقيل بل كان له تلميذ اسمه يعقوب فتسبوا إليه. (ابن خلدون ١ : ٢٢٥ وابن حزم ١ : ٤٩).
(٢) سورة المائدة : الآية ٧٢.
(٣) سورة مريم : الآية ١٧.