الباب الثالث
من له شبهة كتاب
قد بينا كيفية تحقيق الكتاب ، وميزنا بين حقيقة الكتاب وشبهة الكتاب ، وأن الصحف التي كانت لإبراهيم عليهالسلام كانت شبهة كتاب. وفيها مناهج علمية ، ومسالك عملية.
أما العمليات فتقرير كيفية الخلق والإبداع ، وتسوية المخلوقات على سنّة نظام وقوام تحصل منها حكمته الأزلية ، وتنفذ فيها مشيئته السرمدية (١). ثم تقرير التقدير والهداية عليها ، ليتقدر كل نوع وصنف بقدره المحكوم المحتوم ، ويقبل هدايته السارية في العالم بقدر استعداده المعلوم ، والعلم كل العلم لا يعدو هذين النوعين ، وذلك قوله تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى* الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) (٢) وقال عزوجل خبرا عن إبراهيم عليهالسلام : (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) (٣) وخبرا عن موسى عليهالسلام. (الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (٤).
وأما العمليات ، فتزكية النفوس عن درن الشبهات ، وذكر الله تعالى بإقامة العبادات ، ورفض الشهوات الدنيوية ، وإيثار السعادات الأخروية ، ولن يحصل البلوغ
__________________
(١) السرمدية : الدائمة.
(٢) سورة الأعلى : الآيات ١ ـ ٣.
(٣) سورة الشعراء : الآية ٧٨.
(٤) سورة طه : الآية ٥٠.