الفصل الأول
المجوس
أثبتوا أصلين كما ذكرنا ، إلا أن المجوس الأصلية زعموا أن الأصلين لا يجوز أن يكونا قديمين أزليين ، بل النور أزليّ ، والظلمة محدثة. ثم لهم اختلاف في سبب حدوثها ، أمن النور حدثت؟ والنور لا يحدث شرا جزئيا ، فكيف يحدث أصل الشر؟ أم من شيء آخر؟ ولا شيء يشرك النور في الإحداث والقدم؟ وبهذا يظهر خبط المجوس ..
وهؤلاء يقولون : المبدأ الأول من الأشخاص : كيومرث (١) ، وربما يقولون زروان الكبير ، والنبي الثاني : زردشت. والكيومرثية يقولون : كيومرث هو آدم عليهالسلام وتفسير كيومرث هو : الحي الناطق. وقد ورد في تواريخ الهند والعجم أن كيومرث هو آدم عليهالسلام ، ويخالفهم سائر أصحاب التواريخ.
١ ـ الكيومرثيّة
أصحاب المقدم الأول كيومرث. أثبتوا أصلين : يزدان ، وأهرمن. وقالوا : يزدان أزلي قديم ، وأهرمن محدث مخلوق. وقالوا : إن سبب خلق أهرمن أن يزدان فكر في نفسه أنه لو كان لي منازع كيف يكون؟ وهذه الفكرة كانت رديئة غير مناسبة لطبيعة النور فحدث الظلام من هذه الفكرة. وسمي : أهرمن. وكان مطبوعا على الشر ، والفتنة والفساد ، والفسق والضرر والإضرار. فخرج على النور ، وخالفه طبيعة وفعلا. وجرت محاربة بين عسكر النور ، وعسكر الظلمة. ثم إن الملائكة توسطوا فصالحوا على أن يكون العالم السفلي خالصا لأهرمن سبعة آلاف سنة. ثم يخلى العالم ويسلمه إلى
__________________
(١) كيومرث ، أو جيومرت : أول من ملك العالم وكان قد سخر الله له جميع الجن والإنس وخصه من عنايته بمزيد القوة والشهامة وروعة الجلالة وبهاء المنظر وهو أول من لبس جلود السباع وكان كل يوم يحضر الجن والإنس ببابه ويصطفون صفوفا على رسم الخدمة له. ومعنى كيومرث عند الفرس ابن الطين ، والفرس كلّهم متفقون على أن كيومرث هو آدم الذي هو أول الخليفة. (الشاهنامه ١ : ١٣ وابن خلدون ١ : ٢٢٧).