النور. والذين كانوا في الدنيا قبل الصلح أبادهم وأهلكهم. ثم بدأ برجل يقال له كيومرث ، وحيوان يقال له ثور فقتلهما. فنبت من مسقط ذلك الرجل ريباس ، وخرج من أصل ريباس رجل يسمى : ميشة ، وامرأة تسمى : ميشانة ؛ وهما أبوا البشر ، ونبت من مسقط الثور : الأنعام ، وسائر الحيوانات.
وزعموا أن النور خيّر الناس ، وهم أرواح بلا أجساد ، بين أن يرفعهم عن مواضع أهرمن ، وبين أن يلبسهم الأجساد فيحاربون أهرمن. فاختاروا لبس الأجساد ومحاربة أهرمن ، على أن تكون لهم النصرة من عند النور. والظفر بجنود أهرمن ، وحسن العاقبة. وعند الظفر به وإهلاك جنوده تكون القيامة.
فذاك سبب الامتزاج وهذا سبب الخلاص.
٢ ـ الزّروانية (١)
قالوا : إن النور أبدع أشخاصا من نور كلها روحانية ؛ نورانية ، ربانية ، ولكن الشخص الأعظم الذي اسمه زروان شك في شيء من الأشياء ، فحدث أهرمن الشيطان ، يعني إبليس من ذلك الشك.
وقال بعضهم لا ، بل إن زروان الكبير قام فزمزم (٢) تسعة آلاف وتسعمائة وتسعا وتسعين سنة ليكون له ابن فلم يكن. ثم حدث نفسه وفكر ، وقال : لعل هذا العلم ليس بشيء ، فحدث أهرمن من ذلك الهم الواحد. وحدث هرمز من ذلك العلم ، فكانا جميعا في بطن واحد. وكان هرمز أقرب من باب الخروج ، فاحتال أهرمن الشيطان حتى شق بطن أمه فخرج قبله وأخذ الدنيا.
__________________
(١) في سوسنة سليمان ص ٤ ودائرة المعارف ٨ : ٥٨٠ «الرزوانية أصحاب رزوان الكبير هو الزرادشتية والثنوية أصحاب الاثنين الأزليين. ورزوان كان خصما لبني إسرائيل أيام سليمان بن داود عليهالسلام».
(٢) زمزم الشيء : سمع صوته من بعيد وله دويّ. وزمزم العلوج تراطنوا. والزمزمة عند المجوس : التراطن عند الأكل وهم صموت لا يستعملون اللسان ولا الشفة في كلامهم لكنه صوت تديره في خياشيمها وحلوقها فيفهم بعضها عن بعض. (راجع اللسان مادة زمم).