كرّام ، قليل العلم ، قد قمش (١) من كل مذهب ضغثا (٢) وأثبته في كتابه ، وروّجه على اغتام (٣) غزنة (٤) ، وغور (٥) ، وسواد (٦) بلاد خراسان ، فانتظم ناموسه وصار ذلك مذهبا ، وقد نصره محمود (٧) بن سبكتكين السلطان ، وصبّ البلاء على أصحاب الحديث والشيعة من جهتهم ، وهو أقرب مذهب إلى مذهب الخوارج ، وهم مجسّمة ، وحاش غير محمد بن الهيصم (٨) فإنه مقارب.
المقدمة الخامسة
في السبب الذي أوجب ترتيب هذا الكتاب
على طريق الحساب وفيها إشارة إلى مناهج الحساب
لمّا كان مبنى الحساب على الحصر والاختصار ، وكان غرضي من تأليف هذا الكتاب حصر المذاهب مع الاختصار : اخترت طريق الاستيفاء ترتيبا ، وقدرت أغراضي على مناهجه تقسيما وتبويبا. وأردت أن أبيّن كيفية طرق هذا العلم وكمية أقسامه ؛ لئلا يظن بي أني من حيث أنا فقيه ومتكلّم ، أجنبي النظر في مسالكه ومراسمه ، أعجمي القلم بمداركه ومعالمه. فآثرت من طرق الحساب أحكمها وأحسنها ، وأقمت عليه من حجج البرهان أوضحها وأمتنها ، وقدرتها على علم العدد ، وكان الواضع الأوّل منه استمداد المدد.
__________________
ـ بأن الله تعالى مستقرّ على العرش وأنه جوهر. حبسه طاهر بن عبد الله ثم حبسه محمد بن طاهر. توفي في القدس سنة ٢٥٥ ه / ٨٦٩ م. (راجع تذكرة الحفاظ ٢ : ١٠٦ والتاج مادة «كرم»).
(١) قمش من كل مذهب : أخذ رذالته.
(٢) الضغث : الباطل.
(٣) الذين لا يفصحون.
(٤) غزنة : قصبة بلادها زابلستان وكانت منزل بني محمود بن سبكتكين. (راجع معجم البلدان ٤ : ٢٠١).
(٥) غور : ولاية بين هراة وغزنة. (راجع معجم البلدان ٤ : ٢١٨).
(٦) سواد : هي بلاد خراسان الآهلة. (راجع معجم البلدان ٣ : ٢٧٨).
(٧) هو أبو القاسم ابن الأمير ناصر الدولة أبي منصور : فاتح الهند ، وأحد كبار القادة. امتدت سلطته من أقاصي الهند إلى نيسابور وكانت عاصمته «غزنة» بين خراسان والهند وفيها ولادته ووفاته. توفي سنة ٤٢١ ه / ١٠٣٠ م. (راجع ابن الأثير ٩ : ١٣٩ وما قبلها).
(٨) هو شيخ الكرامية ومتكلّمهم. (راجع لسان الميزان ٥ : ٣٥٤).