وما أخطأه لم يكن ليصيبه ؛ كان مؤمنا حقا. ثم إذا جمع بين الإسلام والتصديق ، وقرن المجاهدة بالمشاهدة ، وصار غيبه شهادة ؛ فهو الكمال. فكان الإسلام مبدأ ، والإيمان وسطا. والإحسان كمالا ، وعلى هذا شمل لفظ المسلمين : الناجي والهالك.
وقد يرد الإسلام وقرينه الإحسان ، قال الله تعالى : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) (١) وعليه يحمل قوله تعالى : (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (٢) ، وقوله : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (٣) ، وقوله : (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٤) ، وقوله : (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (٥) ، وعلى هذا خصّ الإسلام بالفرقة الناجية ، والله أعلم.
٢ ـ أهل الأصول المختلفون في : التوحيد ، والعدل ، والوعد ، والوعيد ، والسّمع ، والعقل.
نتكلّم هاهنا في معنى الأصول والفروع ، وسائر الكلمات.
قال بعض المتكلمين : الأصول : معرفة الباري تعالى بوحدانيته وصفاته ، ومعرفة الرسل بآياتهم وبيّناتهم. وبالجملة : كل مسألة يتعين الحق فيها بين المتخاصمين فهي من الأصول : ومن المعلوم أن الدين إذا كان منقسما إلى معرفة وطاعة ، والمعرفة أصل والطاعة فرع ، فمن تكلّم في المعرفة والتوحيد كان أصوليا ، ومن تكلّم في الطاعة والشريعة كان فروعيا. فالأصول هو موضوع علم الكلام ، والفروع هو موضوع علم الفقه ، وقال بعض العقلاء : كل ما هو معقول ، ويتوصل إليه بالنظر والاستدلال ؛ فهو من الأصول. وكل ما هو مظنون أو يتوصل إليه بالقياس والاجتهاد فهو من الفروع.
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ١١٢ ، وتمامها : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
(٢) سورة المائدة : الآية ٣.
(٣) سورة آل عمران : الآية ١٩.
(٤) سورة البقرة : الآية ١٣١.
(٥) سورة البقرة : الآية ١٣٢ ، وتمامها : (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).