بَيِّنَةٍ) (١).
* واختلفوا في الإمامة ، والقول فيها نصا ، واختيارا ، كما سيأتي عند مقالة كل طائفة (٢).
والآن نذكر ما يختص بطائفة من المقالة التي تميّزت بها عن أصحابها.
١ ـ الواصليّة
أصحاب أبي حذيفة وأصل بن عطاء الغزّال (٣) الألثغ (٤). كان تلميذا للحسن البصري (٥) يقرأ عليه العلوم والأخبار. وكانا في أيام عبد الملك بن مروان (٦) ، وهشام
__________________
ـ وعلى وجوب البعثة حيث حسنت ، ولا بدّ للرسول صلىاللهعليهوسلم من شرع جديد ، أو إحياء مندرس ، أو فائدة لم تحصل من غيره. وأن آخر الأنبياء محمد صلىاللهعليهوسلم والقرآن معجزة له. وأن الإيمان قول ، ومعرفة وعمل. وأن المؤمن من أهل الجنة. وعلى المنزلة بين المنزلتين ، وهو أن الفاسق لا يسمّى مؤمنا ولا كافرا [هناك طائفة منهم ترى ما يراه المرجئة في الإيمان ، وهو أن العمل ليس جزءا منه ، كما أنها ترى أن الفاسق ليس في منزلة بين الإيمان والكفر بل هو مؤمن] وأجمعوا على أن فعل العبد غير مخلوق فيه. وأجمعوا على تولى الصحابة [ولكنهم اختلفوا في عثمان بعد الأحداث] وأجمعوا على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
(١) سورة الأنفال : الآية ٤٢.
(٢) لقد امتازت المعتزلة من بين فرق المتكلّمين بحرية الرأي ، والاعتماد على العقل ، وعدم التقيّد بنصوص القرآن والحديث ، ممّا كان له الأثر العظيم في كثرة اختلافاتهم. ولهذا يعاني من يكتب عنهم مشاق عظيمة في أن يجعل لهم مذهبا موحّدا مجمعا عليه منهم. وكأن الجدل والخلاف في الرأي ، هو الأصل الذي قام عليه مذهب هذه الفرقة ، وإنك لتدهش حين تريد أن تعرف عندهم مسألة من المسائل الكلامية من كثرة الاختلافات التي تراها عندهم.
(٣) لم يكن غزّالا ، وإنما لقب به لتردّده على سوق الغزالين بالبصرة. (راجع بشأن هذه الفرقة : الفرق بين الفرق ص ١١٧ والتبصير ص ٤٠).
(٤) كان يلثغ بالراء فيجعلها غينا فتجنّب الراء في خطابه وضرب به المثل في ذلك. وكانت تأتيه الرسائل وفيها الراءات فإذا قرأها أبدل كلمات الراء منها بغيرها حتى في آيات من القرآن. ومن أقوال الشعراء في ذلك ، لأحدهم:
أجعلت وصلي الراء ، لم تنطق به |
|
وقطعتني حتى كأنك واصل .. |
ولأبي محمد الخازن في مدح الصاحب بن عباد :
نعم ، تجنّب لا ، يوم العطاء كما |
|
تجنّب ابن عطاء لفظة الراء |
(٥) تقدمت ترجمته.
(٦) انتقلت إليه الخلافة سنة ٦٥ ه.