التاسعة : حكى الكعبي عنه أنه قال : إرادة الله غير المراد ، فإرادته لما خلق هي خلقه له ، وخلقه للشيء عنده غير الشيء ، بل الخلق عنده قول لا في محل. وقال إنه تعالى لم يزل سميعا بصيرا بمعنى سيسمع وسيبصر. وكذلك لم يزل غفورا ، رحيما ، محسنا ، خالقا ، رازقا ، مثيبا ، معاقبا ، مواليا ، معاديا ، آمرا ، ناهيا ، بمعنى أن ذلك سيكون منه.
العاشرة : حكى الكعبي عنه أنه قال : الحجة لا تقوم فيما غاب إلا بخبر عشرين (١) ؛ فيهم واحد من أهل الجنة أو أكثر. ولا تخلو الأرض عن جماعة هم أولياء الله معصومون ، لا يكذبون ، ولا يرتكبون الكبائر. فهم الحجة لا التواتر. إذ يجوز أن يكذب جماعة ممن لا يحصون عددا إذا لم يكونوا أولياء الله ، ولم يكن فيهم واحد معصوم.
وصحب أبا الهذيل : أبو يعقوب الشحام (٢) ، والآدمي وهما على مقالته ، وكان سنه مائة سنة ، توفي في أول خلافة المتوكل سنة خمس وثلاثين ومائتين.
٣ ـ النظّاميّة
أصحاب إبراهيم بن يسار بن هانئ النظام (٣) ، قد طالع كثيرا من كتب الفلاسفة وخلط كلامهم بكلام المعتزلة ، وانفرد عن أصحابه بمسائل :
الأولى منها : أنه زاد على القول بالقدر خيره وشره منا قوله : إن الله تعالى لا يوصف بالقدرة على الشرور والمعاصي ؛ وليست هي مقدورة للباري تعالى ، خلافا لأصحابه فإنهم قضوا بأنه قادر عليها لكنه لا يفعلها لأنها قبيحة.
ومذهب النظام أن القبح إذا كان صفة ذاتية للقبيح ، وهو المانع من الإضافة
__________________
(١) استدلّ على أن العشرين حجة بقوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ).
وهو لا يريد بهذا إلّا تعطيل الأخبار الواردة في الأحكام الشرعية من فوائدها.
(٢) كان الشحام رئيس معتزلة البصرة في عصره. وقد عيّنه الواثق رئيسا لديوان الخراج وتوفي سنة ٢٦٧ ه.
(٣) تقدمت ترجمته سمي بالنظّام لأنه كان ينظم الخرز في سوق البصرة.