٥ ـ البشرية
أصحاب بشر (١) بن المعتمر. كان من أفضل علماء المعتزلة ، وهو الذي أحدث القول بالتولد (٢) وأفرط فيه. وانفرد عن أصحابه بمسائل ست :
الأولى منها : إنه زعم أن اللون والطعم والرائحة والإدراكات كلها من السمع ، والرؤية يجوز أن تحصل متولدة من فعل العبد ، إذا كانت أسبابها من فعله. وإنما أخذ هذا من قول الطبيعيين ، إلا أنهم لا يفرقون بين المتولد والمباشر بالقدرة. وربما لا يثبتون القدرة على منهاج المتكلمين. وقوة الفعل وقوة الانفعال غير القدرة التي يثبتها المتكلم.
الثانية : قوله : إن الاستطاعة هي سلامة البنية ، وصحة الجوارح ، وتخليتها من الآفات ، وقال : لا أقول : يفعل بها في الحالة الأولى ، ولا في الحالة الثانية ، لكني أقول : الإنسان يفعل ، والفعل لا يكون إلا في الثانية.
الثالثة : قوله : إن الله تعالى قادر على تعذيب الطفل ، ولو فعل ذلك كان ظالما إياه. إلا أنه لا يستحسن أن يقال ذلك في حقه ، بل يقال : لو فعل ذلك كان الطفل بالغا عاقلا ، عاصيا بمعصية ارتكبها ، مستحقا للعقاب. وهذا كلام متناقض.
الرابعة : حكى الكعبي عنه أنه قال (٣) : إرادة الله تعالى فعل من أفعاله ، وهي على وجهين : صفة ذات ، وصفة فعل. فأما صفة الذات فهي أن الله تعالى لم يزل مريدا لجميع أفعاله ، ولجميع الطاعات من عباده فإنه حكيم ولا يجوز أن يعلم الحكيم صلاحا وخيرا ولا يريده. وأما صفة الفعل فإن أراد بها فعل نفسه في حال
__________________
(١) تقدمت ترجمته.
(٢) قوله هذا مخالف لإجماع المسلمين فأهل السنّة لا يقولون بالتولد أصلا فالحوادث كلّها لا بدّ لها من محدث صانع ، والمعتزلة يقولون به ولا يفرطون.
(٣) «قال بشر بن المعتمر ومن ذهب مذهبه : إرادة الله غير الله. والإرادة على ضربين : إرادة وصف بها ، وهي فعل من فعله. وإرادة وصف بها في ذاته. وإن إرادته الموصوف بها في ذاته غير لا حقة بمعاصي خلقه. وجوّز وقوعها على سائر الأشياء». (راجع مقالات الإسلاميين ١ : ٥١٣).