قال : وهو الذي اختاره من الأقوال المختلفة في القرآن.
وقال في تحسين العقل وتقبيحه : إن العقل يوجب معرفة الله تعالى بجميع أحكامه وصفاته قبل ورود الشرع ، وعليه يعلم أنه إن قصر ولم يعرفه ولم يشكره عاقبه عقوبة دائمة ، فأثبتنا التخليد واجبا بالعقل.
٨ ـ الثّمامية (١)
أصحاب ثمامة بن أشرس (٢) النميري ، كان جامعا بين سخافة الدين وخلاعة (٣) النفس ، مع اعتقاده بأن الفاسق يخلد في النار إذا مات على فسقه من غير توبة ، وهو في حال حياته في منزلة بين المنزلتين ، وانفرد عن أصحابه بمسائل :
منها قوله : إن الأفعال المتولّدة لا فاعل لها ؛ إذ لم يمكنه إضافتها إلى فاعل أسبابها حتى يلزمه أن يضيف الفعل إلى ميت ، مثل ما إذا فعل السبب ومات ووجد المتولد بعده ولم يمكنه إضافتها إلى الله تعالى ، لأنه يؤدي إلى فعل القبيح ، وذلك محال ، فتحير فيه وقال المتولدات أفعال لا فاعل لها.
ومنها قوله في الكفار والمشركين والمجوس ، واليهود والنصارى والزنادقة والدهرية : إنهم يصيرون في القيامة ترابا ، وكذلك قوله في البهائم والطيور وأطفال المؤمنين.
__________________
(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ١٧٢ والتبصير ص ٤٨).
(٢) هو أبو معن. من كبار المعتزلة. كان له اتصال بالرشيد ثم بالمأمون. من تلاميذه الجاحظ. عدّه المقريزي في رؤساء الفرق الهالكة. قال ابن حزم : كان ثمامة يقول : إن العالم فعل الله بطباعه. وقال الجاحظ : ما علمت أنه كان في زمانه قروي ولا بلدي بلغ من حسن الإفهام مع قلّة عدد الحروف ولا من سهولة المخرج مع السلامة من التكلّف ما كان بلغه. توفي سنة ٢١٣ ه / ٨٢٨ م. (راجع لسان الميزان ٢ : ٨٣ والبيان والتبيين ١ : ٦١).
(٣) قال أبو محمد : «ثم نصير إلى ثمامة فنجده من رقة الدين وتنقص الإسلام والاستهزاء به وإرساله لسانه على ما لا يكون على مثله رجل يعرف الله تعالى. ومن المحفوظ عنه المشهور أنه رأى قوما يتعادون يوم الجمعة إلى المسجد لخوفهم فوت الصلاة فقال انظروا إلى البقر انظروا إلى الحمير ثم قال لرجل من إخوانه : ما صنع هذا العربي بالناس؟. (راجع تأويل مختلف الحديث ص ٦٠).