ومنها قوله : الاستطاعة هي السلامة وصحة الجوارح وتخليتها من الآفات ، وهي قبل الفعل.
ومنها قوله : إن المعرفة متولدة من النظر ، وهو فعل لا فاعل له كسائر المتولدات.
ومنها قوله : في تحسين العقل وتقبيحه ، وإيجاب المعرفة قبل ورود السمع مثل قول أصحابه غير أنه زاد عليهم فقال : من الكفار من لا يعلم خالقه وهو معذور ، وقال : إن المعارف كلها ضرورية ، وإن من لم يضطر إلى معرفة الله سبحانه وتعالى فليس هو مأمورا بها ، وإنما خلق للعبرة والسخرة كسائر الحيوان.
ومنها قوله : لا فعل للإنسان إلا الإرادة ، وما عداها فهو حدث لا محدث له ، وحكى ابن الراوندي عنه أنه قال : العالم فعل الله تعالى بطباعه ، ولعله أراد بذلك ما تريده الفلاسفة من الإيجاب بالذات دون الإيجاد على مقتضى الإرادة ، لكن يلزمه على اعتقاده ذلك ما لزم الفلاسفة من القول بقدم العالم ؛ إذ الموجب لا ينفك عن الموجب.
وكان ثمامة في أيام المأمون ، وكان عنده بمكان.
٩ ـ الهشاميّة (١)
أصحاب هشام (٢) بن عمرو الفوطي ، ومبالغته في القدر أشد وأكثر من مبالغة أصحابه ، وكان يمتنع من إطلاق إضافات أفعال إلى الباري تعالى وإن ورد بها التنزيل.
منها قوله : إن الله لا يؤلف بين قلوب المؤمنين ، بل هم المؤتلفون باختيارهم وقد ورد في التنزيل : (ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) (٣).
__________________
(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ١٥٩).
(٢) هو هشام بن عمرو الشيباني. ذكره ابن المرتضى آخر من ذكر من أهل الطبقة السادسة وحكى عن يحيى بن أكثم أن المأمون العباسي كان إذا دخل عليه هشام هذا يتحرك له حتى إنه ليكاد يقوم توفي سنة ٢٢٦ ه. (راجع طبقات المعتزلة ص ٦١).
(٣) سورة الأنفال : الآية ٦٣.