جميع عمره ، وقد علم الله أنه يأتي بما يحبط أعماله ولو بكبيرة لم يكن مستحقا للوعد ، وكذلك على العكس ، وصاحبه عباد (١) من المعتزلة ، وكان يمتنع من إطلاق القول بأن الله تعالى خلق الكافر ، لأن الكافر كفر ، وإنسان ، والله تعالى لا يخلق الكفر ، وقال النبوة جزاء على عمل ، وإنها باقية ما بقيت الدنيا.
وحكى الأشعري (٢) عن عباد أنه زعم أنه لا يقال إن الله تعالى لم يزل قائلا ولا غير قائل ، ووافقه الإسكافي على ذلك ، قال ولا يسمى متكلما.
وكان الفوطي يقول إن الأشياء قبل كونها معدومة ؛ ليست أشياء ، وهي بعد أن تعدم عن وجود تسمى أشياء. ولهذا المعنى كان يمنع القول بأن الله تعالى قد كان لم يزل عالما بالأشياء قبل كونها ، فإنها لا تسمى أشياء. قال : وكان يجوز القتل والغيلة على المخالفين لمذهبه ، وأخذ أموالهم غصبا وسرقة لاعتقاده كفرهم ، واستباحة دمائهم وأموالهم (٣).
١٠ ـ الجاحظية (٤)
أصحاب عمرو بن بحر أبي عثمان الجاحظ (٥) ، كان من فضلاء المعتزلة
__________________
(١) هو أحد رجال الطبقة السابعة من المعتزلة ، بينه وبين عبد الله بن سعيد مناظرة وكان في أيام المأمون وقد زعم أن بين اللفظ والمعنى طبيعة مناسبة فردوا عليه ذلك وقد أخذ عن هشام الفوطي وكان الجبائي يصفه بالحذق وقد ملأ الأرض كتبا وخلافا وخرج عن حدّ الاعتزال إلى الكفر والزندقة. يظن أنه توفي في حدود سنة ٢٥٠ ه. (راجع لسان الميزان ٣ : ٢٢٩ والتبصير ص ٤٦).
(٢) في «مقالات الإسلاميين» أن عبادا كان يقول : هو عالم قادر حي ، ولا أثبت له علما ، ولا قدرة ولا حياة ، ولا أثبت له سمعا ، ولا أثبت له بصرا. وأقول : هو عالم لا بعلم ، وقادر لا بقدرة ، حي لا بحياة وسميع لا بسمع. وكذلك سائر ما يسمّى به من الأسماء التي يسمى بها ، لا لفعله ولا لفعل غيره. وكان ينكر أن يقال إن للباري وجها ويدين وعينين وجنبا ... وكان إذا سئل عن القول عزيز ، قال : إثبات اسم الله ، ولم يقل أكثر من هذا. وكذلك جوابه في عظيم ، مالك ، سيّد.
(٣) كان أهل السنّة يقولون في الفوطي وأتباعه : إن دماءهم وأموالهم حلال للمسلمين وفيه الخمس ، وليس على قاتل الواحد منهم قود ، ولا دية ولا كفّارة ، بل لقاتله عند الله تعالى القربى والزلفى. (راجع الفرق بين الفرق ص ١٦٤).
(٤) انظر في شأن هذه الفرقة. (التبصير ص ٤٩ والفرق بين الفرق ص ١٧٥).
(٥) توفي الجاحظ سنة ٢٥٠ ه. ويقال سنة ٢٥٥ ه. (راجع طبقات المعتزلة ص ٦٧ والعبر ١ : ٤٥٦ وابن خلكان الترجمة ٤٧٩).