مثل ما قاله أصحابه. وكذا القول في القدر والسمع ، والعقل ، وانفرد الكعبي عن أستاذه بمسائل (١) :
منها قوله : إن إرادة الباري تعالى ليست صفة قائمة بذاته ، ولا هو مريد لذاته ، ولا إرادته حادثة في محل أو لا في محل ، بل إذا أطلق عليه أنه مريد فمعناه أنه عالم ، قادر ، غير مكره في فعله ، ولا كاره ، ثم إذا قيل هو مريد لأفعاله ، فالمراد به أنه خالق لها على وفق علمه ، وإذا قيل هو مريد لأفعال عباده ، فالمراد به أنه آمر بها راض عنها ، وقوله في كونه سميعا بصيرا راجع إلى ذلك أيضا ، فهو سميع بمعنى أنه عالم بالمسموعات ، وبصير بمعنى أنه عالم بالمبصرات.
وقوله في الرؤية كقول أصحابه نفيا وإحالة (٢). غير أن أصحابه قالوا : يرى الباري تعالى ذاته ، ويرى المرئيات ، وكونه مدركا لذلك زائد على كونه عالما وقد أنكر الكعبي ذلك ؛ قال : معنى قولنا : يرى ذاته ويرى المرئيات : أنه عالم بها فقط.
١٢ ـ الجبّائية (٣) والبهشميّة (٤)
أصحاب أبي عليّ محمد بن عبد الوهاب الجبّائي (٥) ، وابنه أبي هاشم عبد السلام (٦) ، وهما من معتزلة البصرة ؛ انفردا عن أصحابهما بمسائل ، وانفرد أحدهما عن صاحبه بمسائل ، أما المسائل التي انفردا بها عن أصحابهما. :
__________________
(١) تكلّم عبد القاهر عن الكعبية وقال : هؤلاء أتباع أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي المعروف بالكعبي ، خالف البصريين من المعتزلة في أحوال كثيرة. (راجعها ص ١٨٠).
(٢) قال كثير منهم إنه لا يرى شيئا ولا يبصر بحال وليس معبودهم على هذا القول إلّا كما نهى إبراهيم الخليل عليهالسلام أباه عن عباده حيث قال : (إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا). (التبصير ص ٣٧).
(٣) انظر في شأن هذه الفرقة. (التبصير ص ٥٢ والفرق بين الفرق ص ١٨٣).
(٤) انظر في شأن هذه الفرقة. (التبصير ص ٥٣ والفرق بين الفرق ص ١٨٤).
(٥) تقدمت ترجمته.
(٦) تقدمت ترجمته.