الفصل الثاني
الجبرية
الجبر هو نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الرب تعالى. والجبرية أصناف. فالجبرية الخالصة : هي التي لا تثبت للعبد فعلا ولا قدرة على الفعل أصلا. والجبرية المتوسطة : هي التي تثبت للعبد قدرة غير مؤثرة أصلا. فأما من أثبت للقدرة الحادثة أثرا ما في الفعل ، وسمى ذلك كسبا فليس بجبريّ.
والمعتزلة يسمون من لم يثبت للقدرة الحادثة أثرا في الإبداع والإحداث استقلالا جبريا. ويلزمهم أن يسموا من قال من أصحابهم بأن المتولدات أفعال لا فاعل لها جبريا. إذ لم يثبتوا للقدرة الحادثة فيها أثرا. والمصنفون في المقالات عدوا النّجّارية والضّرارية من الجبرية. وكذلك جماعة الكلابية من الصفاتية. والأشعرية سموهم تارة حشويّة ، وتارة جبرية. ونحن سمعنا إقرارهم على أصحابهم من النّجّارية والضّرارية فعددناهم من الجبرية. ولم نسمع إقرارهم على غيرهم فعددناهم من الصفاتية.
١ ـ الجهميّة (١)
أصحاب جهم (٢) بن صفوان ، وهو من الجبرية الخالصة. ظهرت بدعته بترمذ (٣) ، وقتله سلم (٤) بن أحوز المازني بمرو (٥) في آخر ملك بني أمية. وافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية ، وزاد عليهم بأشياء.
منها قوله : لا يجوز أن يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقه ، لأن
__________________
(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (التبصير ص ٦٢ والفرق بين الفرق ص ٢١١).
(٢) تقدمت ترجمته.
(٣) ترمذ : اسم مدينة على نهر جيحون. (راجع معجم ثامن ص ٣٨٢).
(٤) وقع في العبر ١ : ٦٦ «سلم بن أحور» بالراء المهملة ، وهو في كلّ كتب المقالات بالزاي وهو من قواد نصر بن سيّار في خراسان في أواخر بني أميّة. (راجع مقالات الإسلاميين والتبصير).
(٥) مرو : هي مرو العظمى أشهر مدن خراسان. والنسبة إليها مروزي. (راجع معجم ٨ : ٣٣).