وأما الحكايات في حُسن الخُلق
* حكاية :
حكي انّ مالك الأشتر رحمهالله كان مجتازاً بسوق وعليه قيسص خام ، وعمامة منه ، فرآه بعض السوقة فأزرى بزيّه ، فرماه ببندقة تهاوناً به ، فمضى ولم يلتفت.
فقيل له : ويلك أتعرف لمن رميت؟!
فقال : لا.
فقيل له : هذا مالك صاحب أمير المؤمنين عليهالسلام.
فاتعد الرجل ، ومضى إليه ، وقد دخل مسجداً وهو قائم يصلي فلما انفتل انكب الرجل على قدميه يقبلهما.
فقال : ما هذا الأمر؟
فقال : اعتذر إليك بما صنعت.
فقال : لا بأس عليك ، والله ما دخلت المسجد إلاّ لاستغفر لك (١).
يقول المؤلّف :
انظر كيف كسب هذا الرجل الأخلاق من أمير المؤمنين عليهالسلام ، فمع انّه من اُمراء جيش أمير امير المؤمنين ، وكان شجاعاً ، وشديد الشوكة وانّ شجاعته بلغت درجة بحيث قال ابن أبي الحديد :
(لو انّ انساناً يقسم انّ الله تعالى ما خلق في العربي ولا في العجم أشجع منه إلاّ استاذه علي بن أبي طالب عليهالسلام لمّا خشيت عليه الاثم ، ولله درّ القائل ، وقد سئل عن الأشتر :
ما أقول في رجل هزمت حياته أهل الشام ، وهزم موته أهل العراق.
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام في حقه : كان الأشتر لي كما كنت لرسول الله صلىاللهعليهوآله (٢).
__________________
(١) سفينة البحار : ج ١ ، ص ٦٨٦ ، ورواه المجلسي رحمهالله في البحار : ج ٤٢ ، ص ١٥٧ ، ورواه الشيخ ورام بن أبي فراس في تنبيه الخواطر ونزهة النواظر : ج ١ ، ص ٢ ، طبعة قم.
(٢) سفينة البحار : للمؤلف رحمهالله : ج ١ ، ص ٦٨٧ ، الطبعة الحجرية ، شرح نهج البلاغة ـ لا بن أبي الحديد : ج ٢ ، ص ٢١٤ تحقيق محمّد أبي الفضل ابراهيم.