وأما قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يوم يقتص للشاة الجمّاء من الشاة القرناء» (١) فقد قال الله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) [سورة الأنعام : ٣٨]. وقال تعالى : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) [سورة التكوير : آية رقم ٥].
فصح أنها تحشر بلا شك ، ويسلط الله تعالى ما يشاء من خلقه على من يشاء فإذا سلط القرناء على الجماء في الدنيا فله تعالى أن يسلط الجماء على القرناء في الآخرة يوم القيامة. ولم يأت نص ولا إجماع ولا دليل عقل ولا دليل خبر على أن المواشي متعبدة بشريعة. وهذا مما نقرّ به ونقول : يفعل الله ما يشاء ، ولا علم لنا إلا ما علمنا. وبالله تعالى التوفيق.
الرد على من زعم أن الأنبياء عليهمالسلام
ليسوا أنبياء اليوم ولا الرسل اليوم رسلا
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : حدثت فرقة مبتدعة تزعم أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلىاللهعليهوسلم ليس هو الآن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولكنه كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهذا قول ذهب إليه الأشعرية.
وأخبرني «سليمان بن خلف الباجي» (٢) وهو من مقدميهم اليوم «أن محمد بن الحسن بن فورك» (٣) الأصبهاني على هذه المسألة قتله بالسم «محمود بن سبكتكين» (٤) صاحب ما دون وراء النهر من خراسان رحمهالله.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : وهذه مقالة خبيثة مخالفة لله تعالى ولرسوله صلىاللهعليهوسلم ، ولما أجمع عليه جميع أهل الإسلام إلى يوم القيامة ، وإنما حملهم على
__________________
(١) تقدم تخريجه ص ١٠٦ حاشية ٤.
(٢) من كبار فقهاء المالكية. ولد في باجة بالأندلس ، وتوفي بالمرية سنة ٤٧٤ ه. له شرح موطأ مالك وشرح المدونة له ، والتعديل والتجريح لمن روى عنه البخاري في الصحيح. انظر الأعلام للزركلي (٣ / ١٨٦).
(٣) عالم بالأصول والكلام من فقهاء الشافعية ، قتله محمود بن سبكتكين بالسم لقوله إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان رسولا في حياته فقط (الأعلام : ٦ / ٣١٢).
(٤) هو فاتح الهند وأحد كبار القادة المسلمين ، امتدّ حكمه من أقاصي الهند إلى نيسابور. ولد سنة ٣٦١ ه ، وتوفي سنة ٤٢١ ه (الأعلام : ٨ / ٤٨).