الكلام على اليهود وعلى من أنكر التثليث من النصارى
ومذهب الصابئين وعلى من أقر بنبوة زرادشت
من المجوس ، وأنكر من سواه من الأنبياء عليهمالسلام
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : إن أهل هذه الملّة يعني اليهود ، وأهل هذه النحلة يعني من أنكر التثليث من النصارى موافقون لنا في الإقرار بالتّوحيد ، ثم بالنبوة وبآيات الأنبياء عليهمالسلام ، وبنزول الكتب من عند الله عزوجل ، إلّا أنهم فارقونا في بعض الأنبياء عليهمالسلام دون بعض. وكذلك وافقتنا الصابئة والمجوس على الإقرار ببعض الأنبياء دون بعض. فأمّا اليهود فإنهم افترقوا على خمس فرق وهي :
١ ـ السّامريّة : وهم يقولون إنّ مدينة القدس هي : «نابلس» وهي من بيت المقدس على ثمانية عشر ميلا ، ولا يعرفون حرمة لبيت المقدس ، ولا يعظمونه ولهم توراة غير التوراة التي بأيدي سائر اليهود ، ويبطلون كل نبوّة كانت في بني إسرائيل بعد موسى عليهالسلام وبعد «يوشع» عليهالسلام ، فيكذبون بنبوة «شمعون» و «داود» و «سليمان» و «إشعيا» و «اليسع» و «إلياس» و «عاموص» ، و «حبقوق» و «زكريا» و «إرميا» وغيرهم ، ولا يقرون بالبعث البتة. وهم بالشام لا يستحلون الخروج عنها.
٢ ـ والصدوقية : ونسبوا إلى رجل يقال له «صدوق» وهم يقولون من بين سائر اليهود إن العزير هو ابن الله (١) تعالى الله عن ذلك. وكانوا بجهة اليمن.
٣ ـ والعنانية : وهم أصحاب «عانان» الداودي اليهودي ، وتسميهم اليهود القرّائين والمين ، وقولهم إنهم لا يتعدون شرائع التوراة ، وما جاء في كتب الأنبياء عليهمالسلام ، ويتبرءون من قول الأحبار ، ويكذبونهم ، وهذه الفرقة بالعراق ومصر والشام ، وهم من الأندلس «بطليطلة» (٢) و «طلبيرة» (٣).
__________________
(١) وهم الذين قال فيهم جلّ وعلا : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) [التوبة : ٣٠].
(٢) طليطلة : ضبطه الحميدي بضم الطاءين وفتح اللامين ، قال : وأكثر ما سمعناه من المغاربة بضمّ الأولى وفتح الثانية : مدينة كبيرة ذات خصائص محمودة بالأندلس ، يتصل عملها بعمل وادي الحجارة ، وكانت قاعدة ملوك القرطبيين وموضع قرارهم ، وهي على شاطئ نهر باجة وعليها قنطرة يعجز الواصف عن وصفها (مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع : ص ٨٩٢).
(٣) طلبيرة (بفتح أوله وثانيه وكسر الباء الموحّدة ثم ياء مثناة من تحت وراء) : مدينة بالأندلس من أعمال طليطلة قديمة على نهر تاجه (مراصد الاطلاع : ص ٨٩٠).