السودان ملك عظيم جدّا ، وممالك شتى «كخانة» و «الحبشة» و «النوبة» و «الهند» و «التبت» والأمر بينهم سواء يملكون طوائف من بين سام كما يملك «بنو سام» طوائف منهم ، وحاش لله أن يكذب نبي.
فصل
اضطراب التوراة في أعمار أبناء نوح (١)
وقالت توراتهم : إن نوحا لما بلغ خمسمائة سنة ، ولد له «يافث وسام وحام» ثم ذكرت أن نوحا إذ بلغ ستمائة سنة كان الطوفان ، ولسام يومئذ مائة سنة. وقالت بعد ذلك : إن «سام بن نوح» لما كان ابن مائة سنة ولد «أرفخشاذ» لسنتين بعد الطوفان ، وهذا كذب فاحش ، وتلون سمج ، وجهل مظلم ، لأنه إذا كان نوح إذ ولد له «سام» ابن خمسمائة سنة ، وبعد مائة سنة كان الطوفان ، فسام حينئذ ابن مائة سنة ، وإذ ولد له بعد الطوفان بسنتين «أرفخشاذ» فسام كان إذ ولد له «أرفخشاذ» ابن مائة سنة وسنتين. وفي نص توراتهم أنه كان ابن مائة سنة ، وهذا كذب لا خفاء به حاش لله من مثله.
فصل
التوراة وتشريد نسل إبراهيم عليهالسلام
وبعد ذلك : أن الله تعالى قال لإبراهيم : اعلم علما أنه سيكون نسلك غريبا في بلد ليس له ، ويستعبدونهم ويعذبونهم أربعمائة سنة ، وأيضا القوم الذين يعذبونهم يحكم لهم ... وبعد ذلك يخرجون بسرح عظيم وأنت تسير لآبائك بسلام وتدفن بشيبة صالحة ، والجيل الرابع من البنين يرجعون إلى هاهنا.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : في هذا الفصل على قلته كذبتان فاحشتان شنيعتان منسوبتان إلى الله تعالى ، وحاش لله من الكذب والخطأ.
__________________
(١) ما ورد في التوراة الحالية عن أعمار هؤلاء الذين ذكرهم ابن حزم يختلف قليلا عن الأعمار التي ذكرها ، وهذا يدلّ على أنهم كانوا يحرصون على تحريف نصّ التوراة وتبديله كلما عنّ لهم ذلك من وقت لآخر ، وربما كانوا يفعلون ذلك ليتفادوا النقد والاعتراض ، ولكنهم كانوا دائما عرضة للنقد. وممن تعقب توراتهم كثير من علماء المسلمين ـ عدا ابن حزم ـ منهم ابن قدامة والغزالي وابن تيمية وغيرهم.