الكذب إلى الله عزوجل ، وحاش لله أن يكذب ، ولا خلاف بينهم في أن «عيسو» لم يخدم قط «يعقوب» ، وأن بني عيسو لم تخدم قط بني يعقوب ، بل في التوراة نصا : أن «يعقوب» سجد على الأرض سبع مرات «لعيسو» إذ رآه. وأن يعقوب لم يخاطب «عيسو» إلا بالعبودية والتذلل المفرط وأن جميع أولاد يعقوب حاش «بنيامين» الذي لم يكن ولد بعد ـ كلهم سجدوا لعيسو. وأن «يعقوب» أهدى لعيسو ـ مداراة له ـ خمسمائة رأس وخمسين رأسا من إبل وبقر وحمير وضأن ومعز ، وأن يعقوب رآها منة عظيمة إذ قبلها منه ، وأن بني عيسو لم تزل أيديهم على أقفاء بني إسرائيل من أول دولتهم إلى انقطاعها ، إما يتملكون عليهم ، أو يكونون على السواء معهم ، وأن بني إسرائيل لم يملكوا قط أيام دولتهم بني عيسو. فاعجبوا لهذه الفضائح أيها المسلمون ، واحمدوا الله على السلامة مما ابتلي به غيركم من الضلال والعمى.
فصل
طلب إسحاق من ابنه عيسو أن يصيد صيدا
ثم ذكر أن إسحاق قال لابنه «عيسو» : يا بني قد شخت ولا أعلم يوم موتي فاخرج وصد لي صيدا ، واصنع لي منه طعاما كما أحب ، وائتني به لآكله كي تباركك نفسي قبل أن أموت ، وأن «رفقة» أم عيسو ويعقوب ، أمرت يعقوب ابنها أن يأخذ جديين ، وتصنع هي منهما طعاما ، ويأتي يعقوب إلى إسحاق أبيه ليأكله ويبارك عليه ، وأن يعقوب قال لأمه : إن عيسو أخي أشعر وأنا أجرد ، لعل أبي أن يحس بي وأكون عنده كاللاعب وأجلب على نفسي لعنة لا بركة ، فقالت له أمه : عليّ استدفاع لعنتك. وأن يعقوب فعل ما أمرته به أمه ، فأخذت هي ثياب عيسو ابنها الأكبر وألبستها يعقوب ، وجعلت جلود الجديين على يديه وعلى حلقه ، وأعطته الطعام. جاء به إلى أبيه : فقال له : يا أبي. فقال له إسحاق : من أنت يا ولدي؟ قال يعقوب : أنا ابنك عيسو بكرك صنعت جميع ما قلت لي ، فاجلس وتأكل من صيدي لتبارك عليّ. وأن إسحاق قال ليعقوب : تقدم حتى أجسّك يا بني ، هل أنت ابني عيسو أم لا؟ فتقدم يعقوب فجسه إسحاق وقال : الصوت صوت يعقوب واليدان يدا عيسو. وقال : هل أنت هو ابني عيسو؟ فقال : أنا. فبارك عليه وقال له في بركته تلك : تخدمك الأمم وتخضع لك الشعوب ، وتكون مولى إخوتك ، وتسجد لك بنو أمك. ثم ذكر أن «عيسو» أتى بالصيد إلى إسحاق ، فلما عرف إسحاق القصة قال لعيسو عن يعقوب : قد صيّرته سلطانا