ثم ذكر في توراتهم : أن «يوسف» عليهالسلام كان إذ دخل أبوه يعقوب مصر مع جميع أهله ابن تسع وثلاثين سنة. هذا منصوص فيها بلا خلاف من أحد منهم. فصح يقينا أنه لم يكن بين دخول يعقوب مع نسله مصر ، وبين بيع يوسف إلا اثنان وعشرون سنة وربما أشهر يسيرة زائدة لا أقل ولا أكثر. هذا حساب ظاهر لا يخفى على جاهل ولا عالم.
وقد ذكر في توراتهم أن في هذه المدة تزوج «يهوذا» بنت «شوع» وولدت له ولدا ثم ثانيا ثم ثالثا. وأن الأكبر بلغ فزوّج زوجة ثم مات بعد دخوله بها ، فزوّجت بعده من أخيه فكان يعزل عنها فمات ، وبقيت مدة حتى كبر الثالث ولم تزوّج منه فزنت «بيهوذا» والد زوجها فولد له منها توأمان ثم ولد لأحد ذينك التوأمين ابنان وهذا محال ممتنع لا خفاء به ، ولا يمكن البتة في طبيعة بشر ولا سبيل إليه في الجبلة والبنية بوجه من الوجوه.
هبك أن «يهوذا» اعتزل عن إخوته ، وتزوج بنت شوع بإثر بيع يوسف بيوم وحبلت زوجته ، وولدت له الولد الأكبر في عامها الثاني ، ثم الثاني في عام آخر ثم الثالث في عام ثالث.
وهبك أن الأكبر زوّج وله اثنا عشر عاما فهذه ثلاثة عشر عاما من جملة اثنين وعشرين عاما وبقي معها ما بقي. ثم زوجت من الثاني وله اثنا عشر عاما فبقي يعزل عنها لئلا ينسب إلى أخيه من يولد له منها ، ثم مات وبقيت تنتظر أن يكبر «شيلة» وتزوّج منه ، حتى طال عليها ، ورأت أنه قد كبر ولم تزوج منه. وهذا لا يكون البتة في أقل من عام. فهذه أربعة عشر عاما. ثم زنت «بيهوذا» فحملت فولدت ، فهذا عام أو أقل بيسير ، فلم يبق من الاثنين وعشرين عاما إلا سبعة أعوام إلى ثمانية أعوام لا أكثر البتة. فمن المحال الممتنع في العقل أن يوجد لرجل ابن ثمان سنين أو سبع سنين ولدان؟!
ما رأيت أجهل بالحساب من الذي عمل لهم التوراة. وحاش لله أن يكون هذا الخبر البارد الكاذب عن الله تعالى أو عن موسى عليهالسلام ، ولا عن إنسان يعقل ما يقول ، ويستحي من تعمد الكذب الفاضح. ونسأل الله العافية.
فصل
أولاد يعقوب المولودين بالشام
وبعد ذلك ذكر عدد بني يعقوب المولودين بالشام عند خاله «لابان» الداخلين